maro marmar العضو الملائكى
عدد المساهمات : 2854 نقاط : 7714 تاريخ التسجيل : 10/10/2010
| موضوع: الكتاب المقدس و اباء الكنيسة الأربعاء سبتمبر 28, 2011 5:56 pm | |
| أولاً : الكتاب المقدس فى فهم الآباء
1- الكتاب المقدس - كلام الله : الكتاب المقدس هو كلام الله والله إله حى، وأن هذا الإله الحى هو صاحب مبادرة نحو الإنسان، ذلك المخلوق الوحيد القادر على أن يفهم ويتواصل عن طريق الكلام، حيث وهبه نعمة العقل والنطق .
2- الكتاب المقدس يختلف عن كل الكتب البشرية : الكتاب المقدس هو كلام الله، ومختلف. عن كافة الكتب البشرية، هو الكتاب الذى يقودنا إلى ما بعد الكلام البشرى ليدخلنا مباشرة إلى كلام الله ، إلى سر الله. إن كل ميزات الكتاب المقدس وصفاته ناتجة عن صفته الرئيسية هذه: الكتاب غير سائر كتب الناس .
3- الله يعلن عن ذاته : الله يعلن ذاته حيت يتكلم فإن كلام الله يعلن الله وبصدق لذا نستطيع الإقتراب إليه دون خوف من خطر التضليل أو خشية الخديعة.
4- كلام الله ذا قوة وفعل : أ- هى قوة يمكن أن تسيطر على كل الكيان البشرى بل وعلى ضبط الخليقة كلها. ب- هو كلام ذو فاعلية ، وهذه الفاعلية لها هدف وتوجه وغاية. فهى تحرك من يسمعها ويستجيب لها ويطيعها وتوجهه لتصل به إلى الله غاية كل أحد وشهوة كل نفس .
5- الكتاب كله موحى به من الله : لكن معناه لا يكون فى حرفيته بل فى فهمنا له روحياً وهذا المفهوم الروحى استمدته الكنيسة وعاشته وبشرت به إنطلاقاً من قاعدة أساسية ألا وهى المسيح والكنيسة. لقد فهم وعاش آباء الكنيسة الكبار حقيقة أن كلمة الله هى من أساسيات الحياة الروحية بل وعلموا بهذه الحقيقة وتركوها لنا وصية فى كتاباتهم. ولقد عبر الآباء عن خبرتهم الروحية هذه، ودور كلمة الله الحية والفعالة فيها. نجد أن القديس يوحنا ذهبى الفم يصف الكتب المقدسة قائلاً: "نعم، إن قراءة الكتب المقدسة هى روضه، بل هى فردوس أيضاً لا يقدم زهوراً فحسب بل وثماراً تقدر أن تفوق النفوس"، وفى موضع آخر يقول: "طوبى للرجل الذى فى ناموس الرب مسرته وفى ناموسه يلهج نهاراً وليلاً لأن من يجلس قرب ينبوع الكتاب المقدس مرتوياً من مياهه على الدوام يتقبل فى نفسه ندى الروح القدس". إن انقيادنا لكلمة الله وإعطائها فرصة فى داخلنا لكى تثمر دليل على إننا نختلف كأولاد الله السامعين والعاملين عن أولاد العالم وهذا ما يوضحه القديس مقاريوس الكبير فى العظة 46 من عظاته إذ يقول: "إن الإنسان العالمى الذى تمتلكه الرغبات الجسدية إذ حدث أنه سمع كلمة الله فإنه يختنق ويصير كمن لا عقل له، وذلك لأنه اعتاد على خداعات الخطية، فحينما يحدث أن يسمع مثل هذا الإنسان عن الله فإنه يحس بثقل شديد وينفر من كلام الله كأنه حديث سخيف متعب. وكأنه قد أصيب بمرض من هذا الكلام . الإلهى ".. كما يقول الرب إن من تحاصره هموم هذه الحياة وتربطه الرباطات الأرضية: "يختنق ويصير بلا ثمر لكلمة الله" (مر 19:4). وهنا أيضاً تكمن قوة الكلمة كمعين للإنسان فى صراعاته ضد الخطية كما يركز ذهبى الفم "معرفة الكتب المقدسة تقوى الروح وتنقى الضمير وتنزع الشهوات الطاغية وتعمق الفضيلة وتتسامى بالعقل وتعطى قدرة لمواجهة المفاجآت غير المستقرة، وتحمى من ضربات الشيطان وتطلقنا إلى السماء عينها". غير أن القراءة فقط للكتاب المقدس لا تكفى بل يجب أن تقودنا هذه القراءة إلى المسيح نفسه كلمة الله المتجسد فتكون لنا شركة معه لنتمتع بالامتيازات الخاصة والهبات الفريدة التى منحها لنا الله بتجسد إبنه الوحيد من أجلنا ومن أجل خلاصنا وهى أن نصير شركاء الطبيعة الإلهية، ومن عظة رائعة للقديس مقاريوس الكبير يلخص هذا فيقول: "كما أن الملك يكتب رسائل لأولئك الذين يريد أن ينعم عليهم بامتيازات خاصة وهبات فريدة، ويقول لهم: "بادروا بالمجىء إلى سريعاً لتنالوا منى الهبات الملوكية" فإذا لم يذهبوا ويأخذوها فإن مجرد قراءة الرسائل لا تفيدهم شيئاً بل على العكس فإنهم يكونوا معرضين لخطر الموت لأنهم رفضوا أن يأتوا لينالوا الكرامة من يد الملك هكذا الله الملك الحقيقى، قد أرسل الكتب المقدسة منه للبشر وهو يعلن عن طريقها للناس أنها ينبغى أن يأتوا إلى الله ويدعونه بإيمان ويسألوا ويأخذوا الموهبة السماوية من اللاهوت نفسه لأنه مكتوب لتصيروا شركاء الطبيعة الإلهية ولكن إذا لم يأت الإنسان ويسأل وينال فإنه لا يستفيد شيئاً من قراءة الكتاب بل بالحرى فإنه يكون فى خطر الموت لأنه لم يرد أن يأخذ عطية الحياة من الملك السماوى التى بدونها لا يمكن الحصول على الحياة الأبدية غير المائته التى هى المسيح نفسه". ويؤكد القديس غريغوريوس الكبير هذا المعنى عندما يقول إن الكتاب المقدس رسالة من الله إلى خليقته فالكتاب المقدس يحمل إلينا الله، إذن فالكتاب المقدس هو كتاب الخلاص، ذلك الخلاص الذى تنبأت عنه أسفار العهد القديم وتحقيقه بمجىء الرب فى الجسد وعمله الخلاصى من أجلنا واستعلنه وقدمه لنا فى العهد الجديد هو "البشارة المفرحة" بالخلاص .
| |
|