أولاد الله لا يخافون مطلقاً ، مهما أحاط بهم العدو . شعورهم بوجود الله معهم يطرح عنهم كل خوف ..
والله نفسه يقول لأولده { لا تخافوا } ,, لقد قال لأبينا إبراهيم : { لا تخف يا ابرام ، أنا ترس لك } ( تك 15 : 1 ) . وقال ليشوع بن نون : { تشدد وتشجع . لا ترهب ولا ترتعب ، لأن الرب معك حيثما تذهب . لا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك } ( يش 1 : 9 ، 5 ) . وقال لبولس الرسول : { لا تخف بل تكلم ولا تسكت . لأني أنا معك ، ولا يقع بك أحد ليؤزك } ( أع 18 : 9 ، 10 ) .. وما اكثر ما قاله الله لأولاده : { لا تخافوا } أنه يقول لتلاميذه { لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد } ( مت 10 : 28 ) ويطمئنهم قائلاً : { أما انتم فجميع شعور رؤوسكم محصاه } ..
إنما يخاف الذين لا يشعرون بوجود الله في حياتهم ، أو الذين يشعرون انهم انفصلوا عن الله بخطاياهم ، فانفصلوا بالتالي عن المعونة والقوة الحافظة .
أما داود فكان يدرك تماماً مقدار الصلة بينه وبين الله ، لذلك لم يخف بل في وسط الضيقة ، وقيام جيوش ابشالوم عليه ، يضطجع داود وينام مطمئناً ، لأنه لا يخاف . ينام وهو واثق أن الله ساهر على سلامته . وتغني له الملائكة قائلة : { لا ينعس حافظك .. لا ينعس ولا ينام .. الرب يحفظك من كل سوء الرب يحفظ نفسك . الرب يحفظ دخولك وخروجك } ( مز 121 ) . لذلك فإن داود ينام وهو غير خائف ، تاركاً لله الساهر أن يحفظ سلامته ، بل أنه يقول :
} أن سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي { ( مز 23 )
وهكذا لم يخف دانيال حينما القوة في جب الأسود ، ولم يخف الثلاث فتية حينما ألقوهم في النار ، ولم يخف الشهداء وهم يقادون إلي الموت ، أو وهم يحتملون كل صنوف التعذيب .. ولم يخف داود من حركة أبشالوم ضده . بل هو يقول : { الر بنوري وخلاصي ممن أخاف ؟! الرب عاضد حياتي ممن أرتعب ؟! } ( مز 27 : 1)
وتسأله : لماذا أيها النبي العظيم ؟ فيقول لك بالخبرة .. بالخبرة ماذا ؟ يقول بالخبرة { عند اقتراب الأشرار مني لياكلوا لحمي ، مضايقي وأعدائي عثروا وسقطوا } ولذلك : { إن نزل علي جيش ، فلن يخاف قلبي ، وإن قام على قتال ، ففي ذلك أنا مطمئن } ( مز 27 : 2 ، 3 )
} هم عثروا وسقطوا ، ونحن قمنا واستقمنا { ( مز 20 : 8 )
أنها خبرة الحياة بالنسبة إلي داود . خبرته في عمل الله معه ، وفي عمل الله من أجله . إنها خبرته في صلواته المستجابة ، وفي مراحم الله التي لا تتخلى عنه مطلقاً . ليعمل أعداؤه ما يشاءون ، ولتلتف حوله ربوات الجموع المحيطين به القائمين عليه .