إن الكهنة في حياة يسوع العلنية هم خدام الهيكل، ويكمن دورهم في تقديم الذبائح وتنظيم العبادة والحياة الدينية في مجتمع العهد القيم المعاصر ليسوع.
والكهنوت آنذاك رتبة وراثية محفوظة لسبط لاوي. أما يسوع فلم يختر تلاميذه من بين الكهنة، ولم يكن هو شخصياً من سلالة كهنوتية، رغم أن حياته بأسرها كانت تقدمة وعبادة لله أبيه، تجلّت بملئها في تقدمة ذاته ذبيحة على الصليب.
فكان الكاهن والذبيحة، المقرَّب والمقرِّب في آن. ولكنه اختار من بين تلاميذه اثني عشر رسولاً، وثقَّفهم تثقيفاً خاصاً، وأرسلهم للتبشير بملكوته وشفاء المرضى (مر3/14، 6/7). وتقوم دعوة الرسل بأنهم مرسلون من قِبل المسيح،
كما أن هو مرسل من قِبل الله الآب بقوة الروح القدس (يو20/21-23، 16/7-15، 17/17-19)، فمن قبلهم يقبل المسيح، ومن يقبل المسيح يقبل الآب الذي أرسله (مت10/14، مر9/35-36)، ويقومون بالأعمال نفسها التي يقوم هو بها (مر16/14-20)،
ويكون هو أيضاً معهم بروحه القدوس (يو20/22، لو24/48-49، رسل1/6-. ورغم كل ذلك لا ذكر للكهنوت بحصر المعنى، أو وعد به حدده الرب لا له مباشرة ولا لرسله.
- الكهنوت في عهد الرسل:
ينتخب الرسل، بالقرعة، متيّا خلفاً ليهوذا "ابن الهلاك"، تأكيداً لضرورة المحافظة على اختيار يسوع لمن يخدمون حضوره بعد موته وقيامته (رسل1/15-26).
ويعيّنوا أيضاً سبعة شمامسة ليساهموا معهم في خدمة الملكوت، فيضعون أيديهم عليهم علامة التكريس (6/1-6)، ليقوموا معهم بالخدمة والكرازة والتعميد واجتراح الآيات والمعجزات (6/8، 8/5-13 و26-40).
نستنتج من ذلك وعي الرسل لتحديد مهام الكهنوت الجديد في العهد الجديد، وهي التبشير والكرازة وخدمة الأسرار والمشاركة والصلاة.
- الكهنوت في رسائل القديس بولس:
يتحدث القديس بولس في أكثر من موضع في رسائله وفي كتاب أعمال الرسل عن مهمات رسولية عديدة، كالرسل والأنبياء والمعلمين (1كور12/27)،
ويستعمل في أكثر من موضع أيضاً تعابير: كهنة، أساقفة، شمامسة، ونجد الرسل بدورهم يقيمون أشخاصاً لهذه الأدوار (رسل14/23، 11/29-30، 15/2 و4 و6 و22 و23، 20/17، 21/18، تيط1/5-6، 5/17-22، 1تسا5/12، فيل1/1، 1تيمو3/1-7، يع5/14،..).
وغالباً ما لا يتميّز الكاهن عن الأسقف، بينما يقوم الشمامسة بالمساهمة في الخدمة. إن كلمة "كاهن" بحسب اللغة اليونانية تعني "شيخ" أو متقدّم، أما لفظة "أسقف" تعني الساهر أو الناظر أو "المراقب"، بينما لفظة "شماس" فهي من أصل سرياني تعني "خادم" وهي ترجمة لكلمة يونانية.
هذه الرتب إن وجدت فلكي تساهم بشكل أكثر فعاليّة في حياة الكنيسة الناشئة وفي نهاية هذا البحث ما لنا الا ان نستشهد بوثيقة مجلس الكنائس العالمي للكهنوت في سنة 1982
" إن يسوع المسيح هو الكاهن الأوحد فيالعهد الجديد ، إذ قدّم حياته ذبيحة عن الجميع . واستنتاجاً يمكن وصف الكنيسةبأجمعها كجماعة كهنوتية . فجميع الأعضاء يدعون لتقديم كيانهم " ذبيحة حيّة " وللتشفع للكنيسة ولخلاص العالم . والخدّام المكّرسون يرتبطون ، كما يرتبط جميع المسيحيين بكهنوت المسيح وبكهنوت الكنيسة . لكن قد يُسمّون على نحو ملائم كهنة ،لأنهم يتمّون خدمة كهنوتية خاصة بتوطيد وبناء كهنوت المؤمنين الملوكي والنبوي عبرالكلمة والأسرار وعبر صلواتهم التشفعّية وعبر إرشادهم الرعوي للجماعة " .