على مدى سنوات طويلة يناضل المسيحيون المصريون لتحقيق مطالب تزداد يوما بعد يوم وتتطور سنة بعد الأخرى، وظلت هذه المطالب داخل أسوار الكنيسة سنوات، وبعد ثورة 25 يناير خرجت تلك المطالب عن عباءة البابا وقبضته وسلطته الروحية، لكنها لاتزال تحت إمرة الآباء الكهنة، الذين يعتبرهم الأقباط أقرب إليهم من البابا الذي ظل عقودا محسوبا على السلطة، من بين هؤلاء الآباء الكهنة المؤثرين الأنبا كيرلس أسقف نقادة ونجع حمادي، ويتمتع الرجل بشعبية واسعة في أوساط الأقباط، ليس فقط لمكانته الروحية، ولكن لأنه دائما قريب من هموم الأقباط، التي يرى أنها زادت بعد ثورة 25 يناير، وخاصة بعد حادث قطع أذن قبطي في قنا من قبل سلفيين بدعوى تطبيق حد الشريعة الإسلامية عليه... وفي ما يلي نص الحوار.
• كيف ترى وضع الأقباط بعد ثورة 25 يناير؟
- أوضاع الأقباط تغيرت للأسوأ، فمثلا في قنا تعرضنا لثلاث حوادث متتالية على يد السلفيين، في الأولى ألقوا شابا من شرفة منزله لشكهم في إقامته علاقة مع فتاة مسلمة، وفي الثانية طعنوا شابا للسبب نفسه، وفي الثالثة تم قطع أذن مواطن قبطي، هذا بالإضافة إلى وجود 45 حالة ضبط وإحضار من النيابة لبلطجية يعتدون على ممتلكات الأقباط في مدينة نجع حمادي وحدها، والشرطة لم تستطع أن تفعل شيئا معهم رغم أنهم موجودون أمام أعينها، وما نعيشه الآن يعود بي إلى الأيام التي سبقت اغتيال الرئيس أنور السادات، والتي شهدت فيها قنا عمليات عنف من قبل الجماعة الإسلامية، أيضا الشرطة غير قادرة على حماية الكنائس في حال حدوث أي مصادمات، وتقوم الحراسة الموجودة فيها بالاختباء داخلها.
• لكن المسلمين يؤكدون أن ما يحدث حالات فردية؟
- ما لديَّ من معلومات وحقائق يؤكد أنها ليست حالات فردية، وإنما تصرفات ممنهجة من قبل مجموعة تعرف جيدا أهدافها، ولها أمير وهو الدكتور حلمي عبدالمغيث الذي عاد مؤخرا من اليمن بعد تلقي تدريبات هناك، وجاء ليعيد نشاط الجماعة في قنا، وما يساعدهم على ذلك هو الفراغ الأمني وحل جهاز أمن الدولة، فرغم مساوئ ضباط أمن الدولة ومواقفهم العديدة ضد الأقباط، لكنهم كانوا يحمونهم من تجاوزات الآخرين ضدهم.
• ألا ترى أن موقفك متناقض حيال جهاز 'أمن الدولة'، إذ تشيد به تارة، وتنتقده تارة أخرى؟
- أنا اتحدث عن وقائع، وقد عانينا بالفعل ممارسات أمن الدولة، يكفي أن أذكر أن أحداث نجع حمادي التي تمت ليلة عيد الميلاد العام الماضي وكان ضحاياها 6 أقباط كانت من تدبير جهاز أمن الدولة لـ'كسر عين' الأقباط في قنا، وكان المسؤول الأول عنها مدير الجهاز بمدينة نجع حمادي اللواء مصطفى جمعة.
• كيف؟
- اللواء مصطفى جمعة كان ينظر إلى نشاط الأقباط السياسي والاجتماعي وعلاقتهم الطيبة بالمسلمين على أنه أمر خطير يتيح لقيادات الطرفين الخروج على سلطة أمن الدولة، حتى أنه كان دائما يحتجز شيوخ المسلمين بدعوى أن قساوسة الأقباط يشتكونهم، وكان يهدف بذلك الى الوقيعة بيننا، وتدبيره لحادث نجع حمادي كان بهدف السيطرة على أقباط نجع حمادي بعد أن بدأ نفوذهم السياسي والاجتماعي يتصاعد، وقد طلبنا من البابا الاتصال بوزير الداخلية لإبعاد مصطفى جمعة عن منصبه قبل الحادث، لكن الوزير لم يتحرك، ولكن الرئيس السابق حسني مبارك تدخل بعد الحادث ونقله من نجع حمادي إلى مكان آخر.
• ورغم هذا تريد عودة أمن الدولة مجدداً؟
- نعم، لأن ضباط الجهاز كانوا يسيطرون على الأوضاع في المدينة ويقومون بتحجيم المتطرفين، لكن بعد إلغائه خرج العديد من المتشددين من جحورهم وباتوا طلقاء يفعلون ما يريدون دون أن يحاسبوا.
• هل مخاوف الأقباط من مرحلة ما بعد مبارك كانت سبباً في تأييد قداسة البابا شنودة للرئيس المخلوع خلال الثورة؟
- اتصال البابا شنودة بمبارك كان سببه ارتباطهما بعلاقات شخصية جيدة، وحين قال البابا إنه يدعو الله من أجل الرئيس، فكان يقصد دعوة صديق لصديق في محنة، لكن البابا لم يكن ضد ثورة الشباب.
• هل تشعر بالخوف على حياتك وحياة الأقباط في نجع حمادي؟
- الأقباط لا يشعرون بالخوف على حياتهم، لأنهم مؤمنون بالله وبقضائه وقدره، ولا نخاف الموت لأننا رأينا أبناءنا وهم يقتلون أمام أعيننا، وبالنسبة إلي فأنا عندما أخرج من بيتي أعرف أنني قد لا أعود إليه مرة أخرى.