سمات الشباب الطاهر

ليس من شك أن تيار الاثم العامل فى هذا الدهر يجعلك تئن كل يوم , طالبا من يمين الرب المقتدرة خلاصا وطهارة وعفافا , لنفسك ولكل الخليقة
وليس من شك أنك اختبرت - بنعمة المسيح - اوقاتا كثيرة قضيتها فى فرح الرب ونوره وقداسته , وان لم تكن قد اختبرت فأرجوك أن تسرع لتقرأ اختبارات القديسين فى هذا الأمر
ولعلك لاحظت من خبرتك الخاصة ومن خبرات القديسين , أن الطهارة كنز ثمين , يشيع فى النفس والجسد والروح فرحا وصفاء , لنشتاق الى الطهارة ونسعى نحوها

سمات الشباب الطاهرهى :

1- شباب ناجح :-

كان الرب مع يوسف فكان رجلا ناجحا ( تك 39 : 2 )
لاشك أن الشباب الطاهر يحتفظ بقواه الجسدية , مما ينمى قواه الذهنية , ويساعده على التركيز والتذكر , وهما السلاحان الأساسيان للنجاح الدراسى والعملى
الشباب الطاهر لاتتشتت أفكاره , ولا تتبعثر قواه , بل انك تجده دائما سليما صحيا , ومتوقدا ذهنيا , ومتحمسا لاتجاهات بناءة ومقدسة , مما يسهم بالضرورة فى حفظ طهارته وفى انجاح شخصيته
الشباب الطاهر يضبط نفسه فى كل شىء : فى الأكل والراحة والنوم والفراغ والميول وهو متزن غريزيا وانفعاليا

2- شباب شجاع :-

فادمان الخطية يخلق فى النفس حالة من " الجبن الداخلى " والرعدة الباطنية من مواقف الحق والشهادة
الشرير يهرب ولا طارد اما الصديقون فكشبل ثبيت ( أم 28 : 1 )
لقد كان هيرودس الملك الطاغية يهاب يوحنا عالما أنه رجل بار وقديس (مر6:20)
وكان المعمدان المتنسك الأعزل يرفع صوت الحق فى وجه الملك الزانى : " لايحل لك "
هناك شجاعة حمقاء مستهترة , تهدف الى ظلم الناس وتمجيد الذات وهناك شجاعة مسيحية , تتخذ مواقف جبارة , وكلمات نارية , يسندها قلب محب ونفس حانية متضعة

الشباب الطاهر منطلق دائما ولا يخشى شيئا لأنه لايشتهى شيئا
وقفت على قمة العالم , يوم احسست أننى لااخاف شيئا ولا أشتهى شيئا ( القديس اغسطينوس )
هو لايتخاذل فى الحق , ولا يجبن أمام الشهادة , ولا ينحنى للخطية , ولا فى حياته السرية , ولا فى حياته العامة

3- شباب حر :-

فلاشك أن الخطية تصم النفس بوصمة العبودية لأن " الذى يعمل الخطية هو عبد للخطية " ( يو 8 : 34 )
أما النفس الطاهرة فقد مزقت قيودها , وتحررت من عاداتها وربطها , وانطلقت من أسر العدو , لتسلك فى طريق الملكوت بخطى ثابتة , لاتنظر الى الخلف , ولا تخشى ما هو أمام فالعدو قد انسحق تحت اقدامها بالنعمة , والقيود قد تمزقت من ايديها ومن باطنها , فتحررت بالحقيقة
ويوم قال الرب لليهود : " ان حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارا " (يو8:36) تذمروا واحتجوا بأنهم ذرية ابراهيم ولم يستعبدوا لأحد قط ( يو 8 : 33 )
وبينما كانوا رازحين تحت نير عبودية الرومان , وكانوا يفاخرون بحرية مزيفة
والتاريخ يعيد نفسه , فها ملحدون العصر الحديث يتغنون بالحرية , يتجاهلون أن انطلاقتهم هذه ليست الا تزييفا خطيرا
انهم مستعبدون لنزواتهم , ونحن نتحداهم أن يتحرروا منها بدون المسيح
الحرية الحقيقية أن يختار الانسان بين امرين , ولكن أن ينساق الانسان وراء وطأة الاثم والفساد , فهى عين العبودية

4- شباب متسع للآخرين :-

الشباب الطاهر , انطلق من اسر ذاته , واتسع للآخرين
وواضح أن النجاسة هى التعبير المباشر والسريع عن حب الانسان لنفسه
لهذا ربط القديسون بين النجاسة والكبرياء
الشاب المنحرف ساخط على نفسه ويسقط سخطه على الآخرين فى نفسية مريضة
اما الشاب العفيف فهو يسمع شهادة الرب لحياته فينسحق وينسب الكل لله , ويفتح قلبه للجميع رحبا وبلا انانية او نفعية
الشاب الطاهر ينسى ذاته فى الله وفى القريب , اما الشاب المنحرف فينسى الله والقريب من اجل ذاته
لعل من انجح وسائل العفة , أن يخرج الشاب من انحصاره فى نفسه , وينطلق نحو الآخرين يشاركهم آلامهم وافراحهم , ويخدمهم فى حب واتضاع

5- شباب فرحان :-

نفسية صافية , لاتعقيد فيها ولا التواء , لاحاجة به الى الانطواء المريض , ولا الى الانسكاب السلبى فى المجتمع
لاتعتريه الكآبة التى تعقب السقوط , بل يشيع رجاء النعمة فى جنبات جسمه وقلبه وتصرفاته
فحيثما قابلته يفيض عليك من افراحه وسلامه , ومن هنا تستريح الى لقياه
الشاب المنحرف يمزق نفسيته بالقلق , ويحطم امكانياته بالرغبات المكبوتة , ويستعبد ذاته لأنماط خاطئة من التلذذ , تؤثر بالضرورة على حياته النفسية والروحية
اما الشاب الطاهر فاذ شعر أن خطاياه مغفورة فى دم المسيح , واذ يسكن قلبه فى حضرة الله كل حين , تمتلىء حياته بالفرح الثابت الرزين

6- شباب محدد المعالم :-

واضح ان الشاب الذى تتجاذبه تيارات الخطية , تجده دائما , مترددا فى اصدار قراراته واتخاذ الخطوة السليمة فى الموقف المعين
كما تجده ضعيفا فى مواجهة تيارات الشر وايحاءات الخطية فى المجتمع العام والحياة الباطنية
الشاب الذى لم يحسم طريقة ويحدد معالم شخصيته تجده دائما ساقطا عن ذاته , شاعرا بأنه أقل من الاشرار
اما الشاب العفيف فتجده محدد المعالم , يعرف طريقه , ويتخذ قرارات البعد عن الخطية واجتناب الاثم بسرعة ورضى وارتياح
لذلك تجده اهلا لتقدير الاشرار والابرار , وناجحا اجتماعيا , ومحبوبا من الجميع

7- شباب مثمر :-

النفس المنحرفة عقيمة وبلا ثمر : " فأى ثمر كان لكم حينئذ , من الامور التى تستحون بها الان " ( رو 6 : 21 )
اما النفس الطاهرة فتراها مشغولة بالرب تثمر فى حياة الشركة مشغولة بالنفوستثمر فى حياة الخدمة ومشغولة باتجاهات مقدسة تثمر فى حياة القدوة
النفس الطاهرة تقتنى بالروح القدس ثمر الروح وهو : " محبة , فرح , سلام , طول أناة , لطف , صلاح , ايمان , وداعة , تعفف " ( غل 5 : 22 )
النفس الطاهرة نفس منتجة , فعالة , ذات تأثير واضح فى الاخرين لحساب خلاص نفوسهم ومجد المسيح

والان
ادعوك الى لحظات هادئة فى حضرة الرب
فيها تفحص ذاتك , وتسلم حياتك , وتعطى نفسك للرب عطاءا كليا بلا تحفظ
ثم تبدأ أن تجاهد فى طريق القداسة بلا تردد او تراجع او يأس بل بفرح ومثابرة وقوة واثقا أن السماء تراقب جهادك وتفرح به وأن فى دم المسيح رصيدا كافيا للأغتسال اليومى والتطهير الكامل
اسمع نصيحة العظيم أنطونيوس : " اتعب نفسك فى القراءة فهى تخلصك من النجاسة " والقديس ذهبى الفم : " الوجه الذى تقدس بعلامة الصليب لاينحنى امام الشيطان " والقديس امبريسيوس : " الصليب دواء الشهوة "

ها ان يد الرب لم تقصر عن ان تخلص , فلنطرح حياتنا عند قدميه بمذلة وفرح , واثقين ان الهنا معنا وأن " النصرة هى من عند الرب " والرب معك