+++السلام والنعمة "الراعى يحبك الراعى ينتظرك"+++
+++السلام والنعمة "الراعى يحبك الراعى ينتظرك"+++
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
البوابةالبوابة  الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  الكتاب المقدسالكتاب المقدس  الكتاب مسموع و مقروءالكتاب مسموع و مقروء  تفسير الكتابتفسير الكتاب  مركز تحميل الصورمركز تحميل الصور  youtubeyoutube  جروب المنتدىجروب المنتدى  twittertwitter  rssrss  دخولدخول  

 

 "رحلة الى المرتفعات"

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
marcel solla
العضو الملائكى
العضو  الملائكى
marcel solla


عدد المساهمات : 1895
نقاط : 4983
تاريخ التسجيل : 04/08/2010

"رحلة الى المرتفعات" Empty
مُساهمةموضوع: "رحلة الى المرتفعات"   "رحلة الى المرتفعات" Icon_minitimeالجمعة أغسطس 26, 2011 10:34 pm





"رحلة الى المرتفعات"

(قصة رمزية )
ترجمت بتصرف الناشر:مكتبة كنيسة مارجرجس باسبورتنج
وهى قصة رمزية مأخوزة من وقائع حقيقية عن الرحلة التى يجب ان تقوم بها كل نفس لتصل الى المرتفعات والاسماء رمزية وتنم عن حقيقة الشخصية.
"فى الليل يحل البكاء"مز5:30

1
دعوة الى المرتفعات

"الة ابائنا انتخبك لتعلم مشيئتة وتبصر البار وتسمع صوتا من فمة"أع14:22
هذة هى "خوافة"وكيف هربت من اقاربها "عائلة الخوف"وذهبت مع رئيس الرعاة حيث "المحبة الكاملة تطرح الخوف خارجاً"
لسنين طويلة كانت خوافة تخدم رئيس الرعاة الذى كان لة قطيع كبير يرعى فى"وادى المزلة"

حيث كانت تعيش فى كوخ ابيض صغير وهادىء فى "قرية الاضطراب"كانت تحب عملها وتشتهى ان ترضى رئيس الرعاةولكن على قدر سعادتها كانت تشعر بأعاقتين تمنعانها من اتمام عملها على الوجة الاكمل مما ادى الى شعورها الخفى بالألم والخجل .

اول اعاقة كانت قدماها العرجاوتان...فكثيراً ما كانت تسقط على الارض اثناء تأديةعملها.
أما الاعاقة الثانية فكانت فى فمها الذى كان مع قبح منظرة يتلجلج ويتعثر فى النطق والكلام.

وكانت هاتان الاعاقتان تثيران دهشة كل من عرف انها فى خدمة رئيس الرعاة...ولذا كانت تتوق الى التخلص منهما وتصبح جميلة ولبقة وقوية مثل كثير من خدام رئيس الرعاةولكنها كانت تخاف لأنها كانت تظن انة لا نجاة من هاتين الاعاقتين.

وكانت هناك بالأضافة الى ذلك مشكلة اكبر وهى انها من "عائلة الخوف"وكان اقاربها منتشرين فى كل انحاء الوادى فلا امل فى التنصل منهم.
فكيتيمة كانت قد تربت فى بيت عمتها"مدام متشائمة"وبنات عمتها "كئيبة"و"متذمرة"واخيهم"جبان"الذى كان دائماً يضايقها ويضطاهدها.

ومثل باقى العائلات التى كانت تعيش فى "وادى المزلة"كانت "عائلة الخوف"تكرة رئيس الرعاة وتضايق خدامة فما بالك بالعار الذى لحق بهم بانضمام احدى افراد اسرتهم الى خدامة،وعليها تحايلوا ما استطاعوا بالتهديد مرة وبالترغيب اخرى محاولين ارجاعها عن رأيها ،وهى صامتة ليس لها حيلة الا البكاء.وفى يوم مشئوم وضعوها امام قرار العائلة الذى لا مفر منة وهو ان تتزوج ابن عمتها "جبان"وتستقر وسط أهلها والا...!!؟

وبالطبع خافت المسكينة "خوافة"لمجرد الفكرة،ولرعبها الشديد لم تستطع الهروب منهم بل جلست منطوية على نفسها تكرر بأنها لن تتزوج"جبان"وصباح اليوم التالى عندما ارسلت الشمس اشعتها الذهبية على الكون وقت الشروق تذكرت "خوافة"ان رئيس الرعاة سيكون بجانب غدير المياة خارج القرية ليسقى اغنامة.فقد كانت عادة خوافة ان تذهب هناك باكراً كل صباح لتتعرف على رغباتة وتتلقى اوامرة لذلك اليوم وتعود وقت الغروب لتخبرة بكل ما حدث لها اثناء النهار.لذا اسرعت خوافة لتقابلة عند غدير "المناجاة"وكلها ثقة بأنة لن يتركها فريسة لأقاربها بل سيجد لها منفذ وعندما وصلت وجدت رئيس الرعاة فى انتظارها.

- ماذا افعل يا سيدى؟كيف اهرب؟اذا تزوجت جبان فسأظل أسيرة الى الابد.
قالت "خوافة"هذا وهى تبكى بعدما انهت سرد ما حدث لها طيلة اليوم.
-"لا تخافى"قال لها رئيس الرعاة :"انت فى خدمتى واذا وثقت بى فلن يستطيعوا ان يرغموك على الزواج ابداً.ولكن لا تدعى احدا من اقاربك "عائلة الخوف"يدخل الى كوخك لأنهم اعداء الملك الذى صرت انت خادمة لة".
-خوافة:"اعرف ذلك جيدا ولكن كلما قابلت احدا من اقاربى تخور قواى ولا استطيع مقاومتة.انهم منتشرون فى كل مكان فى الوادى فلا يوجد مفر من مقابلتهم فيبدو اننى لن استطيع الخروج بمفردى".
قالت خوافة هذا ورفعت عينيها الى الجبال التى تحيط بالوادى واكملت:"لو انى اقدر على الهروب من الوادى واذهب الى المرتفعات؟!"
وحالما نطقت خوافة بهذا قال لها رئيس الرعاة:

-"لقد انتظرتك طويلا لأسمع منك هذا...سيكون فعلا افضل شىء ان تتركى الوادى وتذهبى الى المرتفعات و سأقودك الى هناك بنفسى ،ان هذة المرتفعات هى حدود مملكة أبى...مملكة الحب...حيث لا يوجد خوف من اى نوع...حيث المحبة الكاملة تطرح الخوف الى خارج".
نظرت الية خوافة فى دهشة "أذهب الى المرتفعات ؟وأعيش هناك ياليتنى اقدر!!..
طوال الشهور الماضية وانا احلم بهذا ولكنة غير ممكن ...اننى عرجاء!!".

أحنت خوافة رأسها الى اسفل ونظرت الى قدميها فامتلأت عينها بالدموع ونفسها بالحزن وأكملت :"هذة الجبال عالية وخطرة لدرجة انة قيل لى ان الغزال والايل فقط تستطيع الصعود عليها".
-رئيس الرعاة:"هذا صحيح...الطريق الى المرتفعات صعب وخطير...لابد ان يكون هكذا حتى لا يستطيع اعداء المحبة ان يتسلقوا ويدخلوا المملكة!!...لأنة لا يوجد شىء بة عيب او نقص يستطيع ان يدخل مملكة المحبة ولكن يا خوافة اننى استطيع ان اجعل رجليك كالأيل واقيمك على المرتفعات .هناك تكونين معى دائماً وبعيدة عن يد اعدائك..وكم انا سعيد ان اعرف انك تتوقين الى الذهاب هناك".
-خوافة:"تجعل قدمى كالايل ؟كيف؟وماذا عن فمى ؟ انت تقول لا شىء بة عيب يستطيع ان يدخل مملكة المحبة".

-رئيس الرعاة:"لابد ان تتغيرى قبل الوصول للمرتفعات ولكن اذا اردت الذهاب معى اعدك بجعل رجليك كالأيل وفمك بلا عيب لأنة توجد ينابيع مياة للشفاء قرب المرتفعات ومن يستحم فيها تزول كل اوجاعة.وكما يجب جعل رجليك كالأيل يجب ايضا ان يتغير اسمك لأنة من المستحيل لخوافة من عائلة الخوف ان تدخل الى مملكة الحب...هل انت على استعداد لهذا التغيير الشامل يا خوافة؟"
-اجابت خوافة بأمل :"نعم انا مستعدة ".

ابتسم رئيس الرعاة وقال بجدية :"هناك شىء اخر ولكنة اهمهم...يجب قبل ان تدخلى الى مملكة المحبة ان تكون وردة المحبة مزهرة فى قلبك...هل فى قلبك غرس الحب يا خوافة؟" عندما قال رئيس الرعاة هذا ثبت نظرة عليها كمن يفحصها وادركت خوافة انة يبحث فى قلبها عن غرس الحب.لم تعرف خوافة بماذا تجيب اذ ادركت انة يعرفها اكثر من معرفتها لنفسها .
نظرت الية لا تدرى بماذا تجيب...فرأت وكأن كيانها مكشوف امام عينية وبعد مدة قالت"يبدو لى ان هناك حب بشرى ولكنة ليس كالحب الذى اراة فيك".
-رئيس الرعاة:"اذن هل تدعيننى اغرس فية بذرة الحب الآن لتكون مستعدة للأزهار وقت وصولك للمرتفعات؟" تراجعت خوافة مرتعدة :انا خائفة...لقد قيل لى انك اذا احببت شخص ما فأنك تعطية مع الحب القدرة ان يجرحك ويؤلمك".

-اجاب "هذا صحيحفالحب معناة ان تضع نفسك فى سلطان من تُحب للنهاية...وانت خائفة من ألم المحبة أليس كذلك؟"
-"نعم"واحنت خوافة رأسها فى خجل.
-اجاب :"ولكن فى الحب سعادة ،سعادة فى ان تحب بلا غرض ودون مقابل".
-"كم هو صبور على؟"هكذا فكرت خوافة فى نفسها ثم قالت بصوت عال وبسرعة كمن هى خجلانة مما تقول:"لكنى لن استطيع ان احب الا اذا تأكدت بأن محبتى ستقابل بالمثل.فهل اذا زرعت بذرة الحب فى قلبى تعدنى بأنى سأحب كما احببت؟لأنى لن اطيق غير ذلك!!".
ابتسم رئيس الرعاة ابتسامة مملوءة رقة وعذوبة وقال:"نعم اعدك يا خوافة انة عندما يحين وقت ازهار الغرس وتغيير اسمك ستُحبين فى مقابل محبتك".
-خوافة"اذن من فضلك ازرع بذرة الحب فى قلبى الآن".
-أخرج الراعى شيئاً من جعبتة ووضعها فى راحة يدة ثم مدها الى خوافة :"هذة هى بذرة الحب".
دنت خوافة لتنظر لكنها صرخت وتراجعت.

لقد كانت هناك فعلا بذرة ولكن على شكل شوكة طويلة وحادة .
كانت خوافة تلاحظ من قبل ان يد الراعى بها جراح فلاحظت الآن ان الجرح الذى فى رسُغ يدة على نفس شكل الشوكة.
-"هذة البذرة..ألن تؤلمنى عندما تزرعها فى قلبى؟"
-اجاب برقة:"انها حادة جدا لذا ستدخل بسرعة.ولكن ألم اقل لك ان الحب والألم متلازمين .اذا اردت الحب فلا بد ان تذوقى الالم!!".
تقدمت خوافة فجأة وكشفت قلبها وقالت:"من فضلك ازرع البذرة هنا".اضاء وجة رئيس الرعاة بالسعادة وقال بنبرة فرحة:"الآن انت قادرة على الذهاب معى الى المرتفعات لتصيرى مواطنة فى مملكة الحب"قال هذا وغرس الشوكة فى قلبها.

وصدق قولة اذ بعد الألم شعرت بعذوبة وحلاوة ملأت كل كيانها.
-"شكراً لك...شكراً لك"وسجدت عند قدمية "كم انت حلو ..كم انت صبور ..لا يوجدمن هو مثلك فى كل الوجود ..سأذهب معك للجبال وكلى ثقة انك ستجعل رجلى كالأيل وفمى بلا عيب وتقيمنى ..حتى انا خوافة على المرتفعات".

-رئيس الرعاة:"وانا ايضا سعيد بل واكثر سعادة منك .سأخذك الى سفح الجبال بنفسى حتى لا يكون هناك خطورة من اعدائك ولكن بعد ذلك سأتركك برفقة اثنتين مخصصتين لك يساندانك ويساعدانك على وعورة الجبال حيث انك لن ترينى كل الوقت ولكنك متى طلبتينى فستجدينى ..اعدك بهذا.وتذكرى اننى اخترت رفيقتيك بدقة شديدة حسبما ارى احتياجك فهل ستقبلينهما بفرح؟"
-خوافة:"نعم نعم فأنا اثق بك تماماواعرف انك تختار ما هو الأنسب لى دائما...سوف لا اخاف ابداً بعد الآن".

نظر اليها رئيس الرعاة بشفقة لأنة كان يعرف صعوبة الطريق وضيقة وتعبة ولكنة لم يقل لها هذا .بل قال " اذهبى الآن الى بيتك واستعدى للرحيل..لا تأخذى شيئاً..فقط اتركى كل شىء فى مكانة ولا تقولى لأى شخص عن هذة الرحلة لأنها رحلة سرية ويجب ان تكون فى الخفاء.كونى مستعدة حتى حينما تسمعى صوتى يناديك اخرجى من منزلك واتبعينى".
وبعدما قال رئيس الرعاة هذا اخذ اغنامة وقادها الى الحظيرة واما خوافة فرجعت الى منزلها والفرح يملأ قلبها.
وفيما هى سائرة فى طريق عودتها واذ "بجبان"يعترض طريقها..مسكينة خوافة!!

كانت قد نسيت للحظات وجود اقاربها وها هى تلتقى بأشرهم .

فزعت خوافة ونظرت حولها شمالا ويمينا فلم تجد مكانا يمكنها ان تهرب الية فتراجعت فى خوف وكان هذا سبب فى اعطائة شجاعة اكثر ليستمر فى الجرى خلفها حتى امسك بها فصرخت وعندئذ ظهر امامها رئيس الرعاة وفى يدة عصاة ما كاد ان يرفعها على "جبان" حتى لاذ بالفرارلا يعرف الى اين يتجة ،فقط يبغى الهرب من رئيس الرعاة .فأنفجرت خوافة فى البكاء ..فقد كان يجب ان تعرف ان "جبان"اسم على مسمى وانة كان يلزم فقط ان تنادى على رئيس الرعاة لتتخلص من قريبها هذا.كان الخجل يغطيها لأنها رجعت الى طبيعتها القديمة بعدما كانت تظن انها اوشكت على الخلاص منها.
لم تستطع ان تنظر الى رئيس الرعاة ولكنها لو فعلت هذا لرأت عينين كلهما رأفة ورحمة لأن رئيس الرعاة طويل الروح وكثير الرحمة ..لقد ظنت انة يحتقرها بسبب خوفها فتمتمت:"شكراً لك"وذهبت تعرج نحو قريتها وهى تقول فى نفسها "ما فائدة ان افكر فى الذهاب للمرتفعات وانا لااستطيع؟! لأن اقل شىء يعترضنى كفيل بأن يرجعنى مرة ثانية".

شعرت خوافة بتحسن عندما وصلت الى منزلهاواخذت تفكر فى احداث اليوم وتذكرت بذرة الحب المزروعة فى قلبها وعندما شعرت بنشوة وسعادة و تأملت فى محبتة واخذت تعمل وتنظف الكوخ وهى تنشد"اخبرنى يا من تحبة نفسى اين ترعى اين تربض عند الظهيرة"
ثم نامت نوماً هادئاً.
" وأما من خاف فلم يتكمل فى المحبة"(1يو18:4)

2
"هجوم من عائلة الخوف"
استيقظت خوافة صباح اليوم التالى وهى تشعر بتحسن وكانت تقول فى نفسها:"ربما ابدأ رحلتى اليوم"وكانت متأثرة لدرجة انها لم تستطع تناول افطارها بل قامت تستعد للرحلة وهى تشعر بسعادة بالغة ورتلت نشيد تعلمتة من الرعاة قائلة:"أنا سوداء وجميلة يا بنات أورشليم كخيام قيدار كشقق سليمان لا تنظرن الىَ لكونى سوداء لأن الشمس قد لوحتنى".

وهكذا انقضى الصباح ولكن فى الظهيرة حدث شىء فظيع...هجوم على منزلها من اقاربها"عائلة الخوف"...فجأة وجدتهم حولها داخل منزلها...كانوا يريدون خطفها لتتزوج من "جبان".كان معهم رئيس العائلة وكبيرها السيد المستشار "رعب"شخصياً الذى قال مقلداًاللهجة الأبوية الحنونة انة يفهم انها تكرة جبان ولكنة على استعداد ان يريها خطأها وان لم تقتنع فلن يفرضوة عليها.وهكذا اخذ كل اقاربها يتكلمون دفعة واحدة فى محاولة للضغط عليها والمسكينة خوافة تجلس منكمشة تسمع وفرائصها ترتعد فهى لا تستطيع ان تفعل شيئاً.

بعد وقت قليل سمعت خوافة،صوت رئيس الرعاة فى الخارج وأحست وكأن جميع الاصوات الأخرى قد صمتت فلم تعد تسمع سوى صوتة قائلاً:"صوت حبيبى هوذا ات ظافراً على الجبال قافزاً على التلال.هوذا واقف وراء حائطنا يوصوص من الشبابيك وقال لى قومى يا حبيبتى يا جميلتى وتعالى" وهنا ادركت بأنة يناديها لتخرج معة الى المرتفعات ...هذة هى الأشارة !!.
ولكنها محبوسة داخل كوخها بسبب "عائلة الخوف" وغير قادرة حتى على ان تنادية من الرعب .كان يجب ان تنتهز الفرصة لأن فى اللحظة التالية وضع"جبان"يدة على فمها ليمنع صدور أى صوت منها وهكذا مر رئيس الرعاة يوصوص من الشبابيك دون ان يجد رداً من أى نوع.

وبعدما عبر وجد اقارب خوافة انها قد غابت عن الوعى فوضعوها على سريرها فى انتظار الليل حتى يأخذوها معهم ولا يراهم أحد.
بعد مدة فتحت خوافة عينيها وكادت تفقد وعيها ثانية عندما ادركت موقفها ولكنها أخيراًاستجمعت شجاعتها وذهبت الى شباك حجرة نومها ونادت على جارتها :
-"شجاعة...شُجاعة تعالى ساعدينى بسرعة ارجوك".

جرت مدام "شجاعة" تجاة منزل خوافة وحاولت فتح الباب فوجدتة مغلقاً فذهبت لتنظر من الشباك فوجدت اقارب خوافة يملأون المنزل فصرخت مهددة :"اذهبوامن هنا تواً والا سأنادى على رئيس الرعاة" وقعت عليهم كلماتها وقوع الصاعقة وأخذوا يهربون من المنزل فى جميع الاتجاهات .

دخلت مدام شجاعة لترى خوافة التى كانت فى حالة يرثى لها فربتت على كتفها وقالت سأذهب لأصنع لك كوباًمن الشاى الساخن.بعدما شربت خوافة الشاى أرادت النوم بعد هذا اليوم العصيب .فأعتطها مدام شجاعة جرس لتدقة اذا ما احتاجت اليها،وتركتها لتنام وحدها فى المنزل.
"جاء الى يسوع ليلاً"(يو2:3)

3
"هروب اثناء الليل"
لساعات طويلة تمددت خوافة على سريرها مجروحة الجسد والنفس،ففى عقلها يوجد شىء ما يقلقها..ترى ما هو؟وفجأة تنبهت لألم شديد فى قلبها لم تختبرة من قبل..كانت الشوكة التى فى قلبها ترسل نبضات الألم و ادركت خوافة السبب وأخذت تهمس لنفسها:"لقد جاء رئيس الرعاة ليأخذنى وانا لم ألبى نداءة...ربما تركنى وذهب لأنة ظن أننى لا اريد الرحيل معة...اننى حتى لم اذهب الى غدير المناجاة هذا المساء ..بالتأكيد لقد تركنى ورحل"

كانت خوافة حزينة جداً ولكن الألم فى قلبها كان يفوق كل حزن،نظرت حولها فوجدت كتاب الأناشيد مفتوح على صفحة مكتوب عليها نشيد يحكى عن انسانة مثلها،أخذت تقرأ فكانت الكلمات وكأنها تعبر عن حالتها هى ..."فى الليل على فراشى طلبت من تحبة نفسى طلبتة فما وجدتة -انى اقوم واطوف فى المدينة فى الاسواق وفى الشوارع اطلب من تحبة نفسى...طلبتة فما وجدتة،حالما قرأت خوافة هذة الكلمات قفزت من سريرها ولبست ثيابها وفتحت باب الكوخ وخرجت...ربما تجد هى الاخرى حبيبها ...كان قلبها مازال ينبض بالألم فتذكرت قول رئيس الرعاة .."الحب والألم متلازمان" يجب ان تجد رئيس الرعاة ليكف الألم .

اخذت تبحث فى شوارع القرية فلم تجدة ...سألت بعض من خدمة أين هو فلم يعرفوا الاجابة كادت تيأس ولكنها تذكرت باقى النشيد"وجدت من تحبة نفسى فأمسكتة ولم ارخة" وعند هذا اسرعت تجرى نحو غدير المناجاة وهناك كان هو فى انتظارها :"أين كنت يا خوافة؟" ارتمت عند قدمية باكية :"يا سيدى خذنى معك سأتبعك حيثما تذهب "
امسك رئيس الرعاة يدها وقادها نحو الجبال.
"ان اراد احد ان يأتى ورائى فلينكر نفسة ويحمل صليبة ويتبعنى"
(مت24:16)

4
"بداية الرحلة"
كان صباح يوم جميل ولاح الوادى وكأنة يستيقظ من النوم والطيور تنتقل بين الاغصان مغردة والندى على الزهور يضوى كالماس فوق المساحات الشاسعة من الالوان المختلفة وفى بعض الاحيان كان رئيس الرعاة وخوافة يدوسان فوق الزهور اثناء سيرهم وذات مرة انحنى رئيس الرعاة وامسك بزهرة و قال لخوافة بابتسامة :"تواضعى وستجدين ان الحب سيكون كبساط من الزهور تحت رجليك".
فنظرت الية بتساؤل "لقد فكرت مراراً كثيرة فى الزهور البرية...انة لمن العجب ان تكون كل هذة الزهور فى هذا المكان القفر...فى مكان لا يشاهدها فية احد ليتمتع بجمالها ومعرضة ان يدوسها ارجل قطعان الماشية فى طريقها الى المراعى ".

- أجاب :"لا شىء يفعلة أبى وانا ويكون للخسارة ابداً...وهذة الزهور الصغيرة تعلم درساًجميلاً...انهما تبذل ذاتها برضا وثقة حتى ولو لم يقدر احد جمالها وكأنها تقول:"السعادة هى ان نحب حتى وان لم يرد لنا الحب...اقول لكِ شيئاً...قليلون يفهمون هذا ..اجمل صفات النفس البشرية،واعظم انتصارتها، كبر انجازاتها لا يعرف احد عنها شىء ،كل رد فعل للحب وكل بذل ذات هو زهرة جديدة فى غرس الحب.كم من حياة عادية وهادئة..

حياة مختفية وغير معروفة للعالم كانت حديقة يانعة يلذ للملك نفسة ان يتنزة فيها ويفرح مع اصدقائة بها .بالطبع يوجد كثير من خدمى كانت انتصارتهم واضحة للكل وكانت كل الناس تقدرهم وتبجلهمولكن حتى هؤلاء كانت لهم انتصارات وامجاد داخلية لا يعلم احد عنها شيئاً.تعلمى هذا الدرس الآن يا خوافة فسوف يعزيك اثناء رحلتك ..هيا لنشارك الآن الطيور تغريدها وننشد سوياً...انا نرجس شارون سوسنة الاودية.كالسوسنة بين الشوك كذلك حبيبتى بين البنات كالتفاح بين شجر الوعر كذلك حبيبى بين البنين .تحت ظللة اشتهيت ان اجلس وثمرتة حلوة لحلقى".

وعندما انتهيا قالت خوافة"لم اكن اعرف ان سفح الجبال مكان جميل هكذا".اجاب :"كلما نما فيك زرع الحب ستفهمين اشياء كثيرة وتدركين ما لم تحلمى بة ...ستتعلمين ان تتكلمى بلغة الحب ولكن يجب اولاً ان تتعلمى الف باء الحب وهذا سيكون اثناء رحلتك،والآن هيا بنا فرفيقتاك تنتظرانك".

-خوافة:"لماذا لا تأخذنى انت الى المرتفعات.معك اشعر بالقوة وانا واثقة انة لا احد غيرك يستطيع ان يأخذنى الى هناك".

-اجابها بعطف"يا خوافة من الممكن ان افعل ما تطلبينة ومن الممكن ان احملك الى المرتفعات ولكن ان فعلت هذا فلن يكون لك ارجل الايل ..اصعدى هذة المرة فقط..ستكون صعبة وشاقة ولكن فى النهاية سيكون لك ارجل الايل وحينئذ تستطيعين ان تكونى معى وتتبعينى دائما...بالمناسبة يجب ان احذرك بأن اعدائك يمكنهم الصعودعلى الجبل لمسافة محدودة ولا شك انك ستقابلينهم لذلك اخترت لك رفيقتين قويتين لمساعدتك وانا سأكون معك وان لم ترينى وسألبى نداءك فى اى وقت تحتاجين الىَّ فية ..فقط نادى أسمى .ولك وعدى الامين انة فى نهاية الرحلة ستكون لك أرجل الايل وتتبعيننى أينما ذهبت ...لا تخافى لأنى أنا معك".

-خوافة:"انا اثق بك يا راعى ".
-رئيس الرعاة :"ان الثقة هى فضيلتك يا خوافة".

بعد مدة قصيرة وصلا الى بداية الطريق عند سفح الجبل ولاحظت خوافة وجود سيدتين مقنعتين جالستين على احدى الصخور وعندما رأتهما تقدمتا وانحنتا امام رئيس الرعاة فى صمت.
-رئيس الرعاة :"هاتان رفيقتاك يا خوافة وسوف تصحبانك حتى نهاية رحلتك".
نظرت اليهما خوافة ..حقيقة كان شكلهما يبدو علية القوة...ولكن لماذا تغطيان وجهيهما"من هما ؟همست خوافة لرئيس الرعاة :

-ما اسميهما؟ولماذا لا تتكلمان ؟
-رئيس الرعاة:"انهما تتكلمان لغة لا تعرفينها ولكن رويداً ستفهمينهما كلما صعدت معهما،اما عن اسميهما فهى "اشجان و آلام"كادت خوافة ان تقع من طولها انها امسكت برئيس الرعاة و اخذت تصرخ"لا اقدر ان اذهب معهما ..لماذا يا سيدى تفعل هذا بى ؟كيف اسافر فى صحبة" اشجان وآلام"؟لماذا لا تعطنى "فرح"و"سلام" يسندانى يساعدانى فى هذا الطريق الصعب؟كيف تفعل هذا بى؟ارجوك اشفق على!!لم اكن اتخيل انك تريد هذا لى"ثم انفجرت فى بكاء شديد.

نظر اليها الراعى الحنون بحزن ولكنة قال برقة:"فرحة وسلام!!؟ هل هما اللتان تطلبينهما لنفسك؟!ألم تعدينى ان تقبلى الرفيقتين اللتين اخترتهما لك ألا تثقى بى؟! خوافة ...هل تذهبى مع "اشجان" و" آلام" أم ستعودى الى قرية الاضطراب لتعيشى مع عائلة الخوف؟".

كان الاختيار صعب...كانت تعرف الخوف جيداً أما الأشجان والآلام فيبدو لها انهما افظع واقسى .لكنها نظرت الى رئيس الرعاة وادركت فى نفسها انها تثق بة ولا تقدر ان تتركة ورغم كل ضعفها وخوفها فأنها تحبة ولا تقدر ان ترفض لة طلب ابداً فقالت:"سيدى لمن اذهب وحياتى هى معك...من لى فى الارض سواك...ساعدنى لأتبعك ...ساعدنى لأثق بك".
وحالما سمع رئيس الرعاة هذا الكلام من خوافة ابتسم ابتسامة مملوءة بالانتصاروالفرحة وقال:"كلك جميل بلا عيب فيك يا حبيبتى...لا تخافى...اذهبى مع اشجان و ألام وان لم تقدرى على ان تقبليهما الآن فعلى الاقل اذهبى معهما وعندما تصلن الى مناطق شديدة الوعورة والانحدار امسكى بأيديهما وسوف يساعدانك ويقودانك الى حيث اريد انا".

تقدمت خوافة بشجاعة لم تعهدها فى نفسها من قبل ثم قالت لأشجان وألام "تفضلا امامى وانا سأتبعكم" قالت هذا لأنها لم تُرد ان تضع يدها فى ايديهما .
ابتسم رئيس الرعاة وقال"سلامى اترك لك"

وقبل ان تدرك خوافة ما يحدث كان رئيس الرعاة قد ذهب من امامهم متقدماًوصاعداًالى المرتفعات وفى لحظات اختفى .ثم بدأت خوافة الرحلة وهى تعرج فى طريقها الى المرتفعات متجاهلة رفيقتيها وكأنها لا تراهما.
"لأن الشيطان نفسة يغير شكلة الى شبة ملاك نور"(2كو14:11)

5
"المقابلة مع كبرياء"
منذ البداية ادركت خوافة ان الطريق أشد انحداراً مما كانت تتوقع لدرجة انها اضطرت ان تمسك بيد رفيقتيها كلما جاءت الى منطقة صعبة وفى كل مرة كانت تمسك بيد اى منهما كانت تشعر بمرارة تجتاحها ولكنها ايضاً كانت تختبر قوتهما فى رفعها الى اعلى بسهولة .
+ + +
نرجع الآن الى وادى المزلة ...اكتشفت عائلة الخوف هروب خوافة منهم فثارت ثائرتهم وأرادوا ارجاعها بكل الوسائل الممكنة ..و أخيراً استقر رأيهم ان يبعثوا ورائها واحد من معارفهم..."كبرياء"...اختاروة لأنة كان قوى ووسيم وجذاب ولأنة لا يمكن ان يرجع بدون خوافة لأن كرامتة لا تسمح لة بالهزيمة ابداً.
مرت ايام على خوافة منذ بداية رحلتها وقد تقدمت حسناً فى رحلتها الى ان ظهر كبرياء فجأة امامها .

تعجبت جداً خوافة من وجودة لكنها لم تخف بل ظنت انة سيتجاهلها كالمعتاد ..فأنة لم يدن منها أو حتى كان يحييها من قبل .لقد كان كبرياء يتبعهم من بعيد منذ فترة ولاحظ ان رئيس الرعاة غير موجود لذا تشجع وتقدم وقال"كيف حالك يا خوافة؟"
-"أهلاً أهلاً يا كبرياء" أجابت خوافة الساذجة بزهو وفخر فلم تعتاد على هذا الترحيب من كبرياء .
امسك "كبرياء" بيد خوافة لأنها لم تكن تمسك بيد اشجان والآم ثم قال"خوافة ،لقد قطعت كل هذة المسافة حتى أنبهك الى سخافة هذة الرحلة...أين كرامتك؟!هل تصدقين أنة يحبك بحق؟!أنت التى لم يحبك احد طوال حياتك!! أتخدعين نفسك؟ هل تعرفين ماذا سيحدث لك أو أين سيقودك هذا (لا يقدر كبرياء ان ينطق بأسم رئيس الرعاة)انة سيأخذك الى المرتفعات ويتركك هناك فى خزى".
حاولت خوافة المسكينة الهروب منة ولكنة كان يمسك يدها بقوة..فصرخت"يا راعى أسرع وأعنى يا سيدى التفت لمعونتى".
وفى لحظة وجدوا رئيس الرعاة أمامهم ممسك بعصا هوى بها على رأس كبرياء الذى أسرع يفر نازلاً الجبل.
التفت رئيس الرعاة لخوافة وقال لها بحزم:"لماذا تركت كبرياء يتكلم معك ؟لماذا تركت يد رفيقتاك ؟لو كنت تمسكين بهما ما حدث هذا ابداً "
تعلمت خوافة درساً لا ينسى...ان التجاوب مع كبرياء فى أى حديث ستكون النجاة منة صعبة جداً.
أخذت تعرج بشدة أكثر من ذى قبل وشعرت بمرارة أشجان وألآم بصورة اعمق.
"لقد رأيت مشقة شعبى الذين فى مصر وسمعت انينهم ونزلت لأخلصهم"(أع34:7)

6
(جولة فى صحراء مصر)
بعد مقابلة كبرياء مضت خوافة ورفيقتاها فى طريق ولكن بصعوبة أكبر وببطء أشد وعلى الرغم من هذا فقد تقبلت مساعدة رفيقتيها بترحيب،وبمرور الوقت زالت أثار مقابلة كبرياء وتقدمت بسرعة فى طريقها.
وأثناء سيرها فى يوم ما استدار الطريق وانحنى وانحدر فى حدة فرأت ولدهشتها صحراء شاسعة ممتدة الى نهاية مرمى البصر ولشدة جزعها بدأت أشجان و ألآم النزول فصرخت"ما هذا!! لقد أمرنى رئيس الرعاة بالصعود لا بالنزول ..لابد أن نجد طريق يؤدى الى أعلى".

ولكنهم أشاروا لها بأن تتبعهم ولكنها تجاهلتهم وأخذت تنظر شمالاً ويميناً فى محاولة بحث عن طريق يصعد الى أعلى ولكنها لم تجد .فصرخت "لقد وعدنى بالصعود الى المرتفعات انة لم يقصد النزول أبداً...ياراعىَّ أسرع لنجدتى لأنى فى احتياج اليك".

وفى لحظة كان هناك واستدركت خوافة:"يا سيدى انى لا افهم هذا ابداً.الرفيقتان اللتان أعطيتنى اياهما تريدان أخذى الى اسفل وهذا معناة أنى سأبتعد عن مسيرتى وأعتقد أنك لا تقصد هذا ..أليس كلامى صحيح؟أرجوك أرنا طريق أخر للصعود كما وعدت".

-أجاب برفق:"هذا هو الطريق و ارادتى هى أن تعبرى فية".
- خوافة:"لا لا ...انك لا تقصد هذا أبداً فهو ضد وعدك لى بالصعود للمرتفعات ..ان هذا يخالف وعودك".
-رئيس الرعاة :"انة غير مخالف ..فقط يؤجل الوعد الى حين وهذا للخير" شعرت خوافة و كأنة طعنها فى قلبها وقالت بصوت مرتعش:
-"هل تقصد فعلاً أنة يجب أن أنزل الى أسفل و أعبر كل هذة الصحراء؟ ربما يأخذ هذا شهوراً بل سنين...هل هذا التأجيل الى أجل غير مسمى؟".
هز رأسة بالأيجاب فى صمت...فخرت خوافة عند قدمية.. لقد كان يقودها بعيدا عن مشتهى قلبها وبدون وعد يضمن رجوعها.

تكلم رئيس الرعاة فى هدوء شديد :

-"خوافة..هل تحبيننى لدرجة أن تقبلى التأجيل وهذا التناقض الظاهرى لوعدى هل تقبلين النزول معى الى صحراء مصر؟".
كانت خوافة لا تزال ساجدة عند قدمية تبكى وكأن قلبها سينفجر ولكن الآن رفعت رأسها ونظرها الية من خلال دموعها وأمسكت بيدية:
-أحبك...أنت تعلم كل شىء...أنت تعلم أنى احبك ...سامحنى لأنى لا أقدر أن امسك دموعى...ولكنى سأذهب معك حسب ارادتك...حتى لو لم تفسر لى الاسباب ...سأذهب معك لأنك تعرف ما هو لخيرى".
فى ذلك الصباح بنت خوافة أول مذبح لها وقدمت ارادتها ذبيحة وجاءت نار وأكلت الذبيحة وتركتها رماداً،على الاقل هذا ما كانت تظنة ولكنرئيس الرعاة لفت نظرها الى حجرة وسط الرماد وقال لها:
-"خذيها كتذكار لأول مذبح".

ثم بدأوا النزول ومنذ أول خطوة شعرت خوافة بسعادة غامرة لأنها وجدت رئيس الرعاة بجانبها وينزل معها ،وبدأ ينشد لها نشيداً عذباً جعل الحزن يذوب وكانت كلمات النشيد تُلمح لها لماذا كان هذا التأجيل ."اختى العروس جنة مغلقة عين مقفلة ينبوع مختوم استيقظى يا ريح الشمال وتعالى يا ريح الجنوب .هبى على جنتى فتقطر أطيابها".

وصلوا الى صحراء مصر بسرعة غير متوقعة لأنة على الرغم من شدة الانحدار الا أن خوافة كانت تستند على زراع رئيس الرعاة فلم تشعر بضعفها مطلقاً. وهكذا وصلوا الى بعض الاكواخ حيث كانوا سيبيتون ليلتهم ثم أخذ رئيس الرعاة خوافة جانباً وقال لها :"خوافة كل خدامى الذى سبقوك الى المرتفعات مروا من هذا الطريق انة يسمى الرعبة المظلمة العظيمة هنا تعلموا أشياء كثيرة...تعلموا سر الملوكية وها انت هنا...انها فرصة عظيمة،لأن الذين يجتازون صحراء مصروهذة الظلمة وهذا الأتون يخرجون منة أمراء و أميرات"ما كاد رئيس الرعاة ينتهى من كلامة حتى رأت خوافة الصحراء مليئة بالأشخاص.....

ما كاد رئيس الرعاة ينتهى من كلامة حتى رأت خوافة الصحراء مليئة بالاشخاص...

رأت ابراهيم وزوجتة سارة أول من تغربوا فى هذة الارض ثم يوسف مجروح و مرذول من اخوتة الذين باعوة كعبد الذى لما بكى طالباً خيمة أبية لم يرى سوى هذة الصحراء ...
بعدهم رأت سلسلة من الاشخاص بلا نهاية تتقدمهم ملكة بدت أجمل من الكل وأكثرهم جلالاً ومجداً فقد كانت والدة رئيس الرعاة بنفسها...نظرت الى خوافة بحنان وقالت لها "مهما قال لك فأفعلية فأنة أنا ايضاً قد جاز فى قلبى سيف ولكن الآن كل الاجيال تطوبنى لأنة نظر الى اتضاع أمتة".تشجعت خوافة من كلامها وملأ السرور قلبها ثم سمعت صوتاً واضحاً يرن فى أذنيها :"لا تخافى من النزول الى أرض مصر لأن هناك سأجعلك أمة عظيمة وسأصعدك من أرض مصر".

بعد هذا رجعت الى الأكواخ واستراحت فى تلك الليلة وصباح اليوم التالى أخذها رئيس الرعاة فى جولة الى المغارات المنتشرة فى الصحراء.وفتح باباً صغيراً فى احداها فدخلوا حجرة تشبة الطاحونة...كان بها أكوام القمح فى كل مكان ما عدا فى منتصف الحجرة حيث كان الرجال يطحنون أنواعاًمختلفة من القمح...بعضة ناعم كالهشيم وأخر خشن وفى ناحية كانت السيدات يجلسن على الارض يطحن أجود أنواع القمح بالرحى.

لاحظت خوافة كيف ان القمح يضرب بشدة حتى يتكسر ومع الطحن يصير ناعماً يصلح لعمل أجود أنواع الخبز.
-رئيس الرعاة :"انظرى الطرق العديدة لسحق القمح.لكل منها فائدة وهدف ما...ان الشونيز لا يدرس بالنورج ولا تدار بكرة العجلة على الكمون بل بالقضيب يخبط الشونيز والكمون بالعصا...يدق القمح لأنة لا يدرسة الى الابد فيسوق بكرة عجلتة وخيلة لا يسحقة".

لاحظت خوافة ايضاً طول المدة التى يستغرقها طحن الدقيق حتى يصير ناعماً ثم سمعت رئيس الرعاة قائلاً"انى أحضر شعبى الى مصر حتى يطحنوا فيصيروا صالحين للاستعمال...لأنة لا يدرسة الى الابد ...هذا ايضاً خرج من قبل رب الجنود".

ثم ذهبوا للمغارة التالية وفى وسطها وجدوا عجلة كبيرة كأنها منضدة و بجانبها فخارى أخذ يصنع اشكال جميلة وأشياء مفيدة ..كان الطين يقطع ويضغط علية ولكنة دائماً صامت مستسلم.
-رئيس الرعاة :"فى مصر ايضاً أصنع أجمل الاوانى و أدوات كما ارى انة نافع...أما أستطيع أن أصنع بك كهذا الفخارى يا خوافة؟
هوذا كالطين بيد الفخارى أنت هكذا بيدى".

بعدما ذهبوا للمغارة الثالثة ووجدوا فيها فرن عظيم حيث ينقى الذهب من كل زغل ..كان يلقى فى الفرن ايضاً أحجاراً وعند خروجها اذ هى أحجار كريمة تبرق كأنها أخذت لمعان النار داخلها .
-رئيس الرعاة:"ان الذهب يمحص فى النار و المرضيين من الناس يمحصون فى أتون الاتضاع أيتها الذليلة المضطربة غير المتعزية هأنذا أبنى بالأثمد حجارتك وبالياقوت الأزرق أؤسسك وأجعل شرفك ياقوتاً وأبوابك حجارة بهرمانية وكل تخومك حجارة كريمة"

ثم أكمل "أفضل جواهرى عبرت على أتون مصر".
مرت عدة أيام وهم يمكثون فى صحراء مصر وفى أخر يوم رأت خوافة وردة جميلة كانت تنمو وحيدة فى الصحراء فأقتربت منها وسألتها "ما أسمك؟" فأجابت الوردة "أسمى مطيعة"فكرت خوافة فى نفسها "اذن هذا هو السبب الذى من أجلة أحضرنى رئيس الرعاة الى هنا...لأتعلم ارادتة...من الآن فصاعداًسوف اكون عبدتك المطيعة"
وانحنت و أخذت حجرة من جانب الوردة ووضعتها فى الكيس مع الأولى التى أخذتها من أول مذبح بنتة.
"عند كثرة همومى فى داخلى تعزياتك تلذذ نفسى"(مز19:94)


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
marcel solla
العضو الملائكى
العضو  الملائكى
marcel solla


عدد المساهمات : 1895
نقاط : 4983
تاريخ التسجيل : 04/08/2010

"رحلة الى المرتفعات" Empty
مُساهمةموضوع: رد: "رحلة الى المرتفعات"   "رحلة الى المرتفعات" Icon_minitimeالجمعة أغسطس 26, 2011 10:37 pm



7

(على شاطىء الوحدة)
بعدما تركوا الصحراء وأثناء سيرهم اعترض الطريق الرئيسى طريق اخر مقاطع فأشار اليها رئيس الرعاة :"هذا هو الطريق الذى يجب ان تسلكية الآن".وعندما بدأوا السير فية كانت ظهورهم للمرتفعات ومشوا حتى وصلوا الى شاطىء بحر واسع كبير.
-رئيس الرعاة :"الآن حان الوقت لأتركك يا خوافة وأذهب ولكن تذكرى أنة حتى لو بدا أنك تبتعدين عن المرتفعات وعنى...لكن فى الحقيقة لا يوجد مسافات بيننا نهائياً لأنى سأكون بجانبك عندما تطلبيننى ..ثقى فى هذا،خرافى تسمع صوتى وتتبعنى ..عندما تنوين تنفيذ ارادتى ستجدين أنك تستطيعين أن تسمعى صوتى وعندما تسمعين يجب أن تطيعى حتى لو طلبت منك ما يبدو مستحيلاً".
مشت خوافة مع رفيقتيها لعدة أيام وفكرت فى نفسها أنها لم تكن تعرف معنى الوحدة حتى الآن ..فلم يوجد معها أى أحد من أصدقائها ..حتى المرتفعات لم تعد تراها ..لم يتواجد شىء سوى صحراء جرداء على ناحية،وبحر شاسع على الاخرى..لم تتواجد شجرة أو أى شىء أخضر..الكائنات الحية الوحيدة كانت طيور النورس فى السماء و الكابوريا فى شقوق الرمال.
فى تلك الايام لم تترك خوافة أيدى رفيقتيها أبداً وكان عجيباًمقدار مساعدتهما لها والأعجب من هذا أن العرج الواضح فى سيرها تلاشى تقريباً لأن درس الطاعة الذى تعلمتة فى صحراء مصر ترك أثراً عليها معلناً بداية مرحلة جديدة فى حياتها ...،انها مازالت خوافة ولكن علامة الطاعة ختمت على جبينها ختم الملوكية...وهكذا مرت الايام ...لم تكن خوافة تتذمر أو تشكو بل كانت تشعر بسعادة غريبة بل انها بدأت تلاحظ جمال الطبيعة من حولها.وذات يوم وصلوا الى استراحة مبنية على صخور عالية تطل على الشاطىء واستقبلهم شيخ من خدام الراعى وعلى محياة وقار عجيب وقد ارتسمت على وجهة بساطة الطفولة أما شفتاة فلا تفارقهما البشاشة قط.
رحب بهم بحرارة وقال:"لقد كنت فى انتظارك يا خوافة ..فما هى اخبارك؟".جلست خوافة معة على انفراد وأخبرتة بكل ما حدث لها حتى تلك اللحظة وعندما انتهت شجعها الشيخ قائلاً:"ان محبتك لرئيس الرعاة هى سندك فى التجارب...ثقى أنت أيضاً فى محبتة لك ولا تجزعى لأنة معك ويرعاك".بعد هذا قدم لها الشيخ الوقور خبراً لتأكل و كأساً من عصير الكرمة لتشرب ...فتقوت وانتعشت.
وبعد فترة ذهبت خوافة للتجول وحدها ...صعدت الى اعلى الصخور وعندما وصلت الى حافتها وجدت أنها تقف على سقف كهف داخل البحر...كان الكهف فارغاً ...لكن بعد عدة ساعات جاءت مياة المد وملأتة فخرت خوافة على ركبتيها وقدمت ذبيحة ثالثة قائلة:"أشكرك يا سيدى أنك قدتنى الى هنا ...فانا مثل هذا الكهف الفارغ منتظرة وعدك بالأمتلاء"ثم أخذت حجرة ووضعتها مع السابقتين.
+ + +
عندما لم يعد "كبرياء"مع فريستة الى قرية الاضطراب فهمت عائلة الخوف انة اخفق فى مهمتة ولكن كبرياءة يمنعة من الاعتراف بفشلة.
فقرروا ارسال مجموعة ثانية لتلحق بخوافة قبل وصولها حيث تصبح بعيدة عن أيديهم...أرسلوا جواسيس جاءوا واخبروهم أن خوافة تسير فى طريق على شاطىء الوحدة .
ففرحوا جداً وظنوا أنة من السهل ارجاعها فبعثوا ب "ندم" و "مرارة" و "شفقة على النفس" وذهب معهم "كبرياء" ايضاً.
وصل اعداء خوافة الى حيث هى تمكث وبدأت معركة حامية جداً بينهم...أدركوا أن خوافة لم تعد خوافة كما كانت ...فلم يقدروا أن يقتربوا منها لأنها كانت تمسك بيد أشجان وألآم لذلك ظلوا ينادون عليها يقترحون عليها اقتراحات سخيفة ويحاولون اخافتها ،فقال لها كبرياء:"ألم أقل لك هذا؟أين انت الآن من المرتفعات...كل الناس فى وادى المذلة يعرفون أنك تسيرين على شاطىء الوحدة و يسخرون منك".
-ندم:"هل تعرفين يا خوافة أنك عبيطة...كيف تتبعين من يطلب منك كل هذة التضحيات ولا يعطيك سوى الحزن والألم والسخرية..دافعى عن نفسك!!طالبى بحقوقك!!أو ارجعى عن هذة الرحلة السخيفة".
-وأضاف مرارة :"كلما اطعتية يطلب منك أكثر..انة ينتهز طيبتك ..ولكن كل ما طلبة منك لا يعد شيئاً لما طلبة من أخرين ..انة يجعل أحباءة وأتباعة يضطهدون ويعذبون بل ويسفكون دماءهم من أجلة ...هل تقدرين على هذا؟..اهربى الآن قبل أن يضع عليك صليب ويتركك تحملينة وحدك"
أما الشفقة على النفس فكان أسوأهم..كانت كلماتة تجعل خوافة تشعر بالضعف الشديد "يا مسكينة انك مخطئة جدا ..ولكن هل تظنى أنة فعلاًُ يحبك ليتركك هكذا؟...لك الحق أن تشفقى على نفسك .حتى ولو عندك استعداد لبذل ذاتك فيجب أن تظهرية للناس حتى يشفقوا عليك بدلاً من أن يسخروا منك ولكن يبدو أن الذى تتبعينة يجد مسرتة فى أن يسحقك ويجرحك".
كانت كلمة "يسحقك" خطأ من الشفقة على النفس اذ جعلت خوافة تتذكر الدقيق المسحوق الذى رأتة فى المغارة فى صحراء مصر وتذكرت "لأنة لا يسحقة الى الابد"فقط حتى يصير صالحا للاستعمال...ولدهشة شفقة على النفس ألتقطت خوافة حجراً صغيرا ودفعتة نحوة فأسرع يجرى مبتعدا.
وهكذا مضت الايام عصيبة لأن خوافة كانت تمسك بيد أشجان والآم فلم تستطع ان تغطى أذنيها فقد اضطرت لسماع كل مشاكسات أعدائها وذات يوم حدثت كارثة....

وذات يوم حدثت كارثة ...فقد بدا أن الأعداء يستريحون قليلاً فأخذت خوافة تتجول وحدها دون حذر الى أن وصلت الى برزخ جبلى يمتد داخل البحر كلسان ولفزعها فوجئت بالأربعة الأعداء حولها ...لحسن الحظ كان البرزخ ضيق لا يسعهم جميعاً ولكن كبرياء تقدم قائلاً بوحشية:"نحن اربعة ولن تقدرى على الهروب منا وسوف نأخذك معنا الآن".
رفعت خوافة عينيها للسماء وصرخت:"الى متى تنسانى حتى متى تصرف وجهك عنى الى متى اردد هذة المشورات فى نفسى وهذة الأوجاع فى قلبى كل يوم،الذين يحزنوننى يتهللون ان أنا زللت أما انا على رحمتك توكلت".
وكم كانت صدمة الاوغاد الاربعة عندما وقف رئيس الرعاة أمامهم فى نفس اللحظة ...جرى ندم ومرارة وشفقة على النفس ولكن لأن كبرياء كان على وشك الهجوم على خوافة فقد وقع فى قبضة رئيس الرعاة الذى امسك بة ورفعة عالياً ثم طرحة الى اسفل فى البحر ...سألتة خوافة "هل تظن أنة مات؟" رئيس الرعاة :"لا..هذا غير ممكن" وألقى نظرة على البحر حيث كان كبرياء يعوم ناحية البر .
-خوافة:"يا راعى نفسى لماذا كنت سأقع فى يد كبرياء ثانية ولماذا فغروا على أفواههم كأسد مفترس مزمجر؟
-"يبدو لى يا خوافة"أجاب الراعى برقة "أن الطريقكان سهلاً فى الفترة الاخيرة...لقد نسيت لفترة أنك عبدتى المطيعة وبدأت تقلقين وتريدين العودة ولهذا تمكن الاعداء منك".
احمر وجة خوافة خجلاً ولم تنبس ببنت شفة لأنها كانت تعرف أن هذا التشخيص صحيح وردت بأسف :"أنت على حق لقد بدأت أظن أنك نسيت وعدك ولكنى أجدد عهدى معك...أنا عبدتك أحبك وأطيعك فى أى طريق تختارة لى".
أخذ رئيس الرعاة حجارة من جانب خوافة وقال"ضعى هذة مع الباقى كتذكار لهزيمة كبرياء وتجديد عهدك لى بالطاعة والانتظار بصبر".
مرت أيام على انتظار خوافة واستمرت فى الرحلة مع رفيقتيها وصباح ذات يوم وجدن أن الطريق الذى يسرن فية يتجة مرة أخرى ناحية المرتفعات ...التى بالطبع كانت بعيدة جداً.صفقت خوافة بيديها من الفرحة و أخذت تجرى ناحية المرتفعات كما لو لم تكن عرجاء .ولكن فجأة انحنى الطريق بزاوية حادة وامتد على مرمى البصر ووقفت خوافة فى ذهول!!! فها هو رئيس الرعاة يؤجل الوصول للمرتفعات مرة أخرى.
وعن قرب ظهر مرارة ...لم يقترب منها لأنة تعلم قليل من الحذر ولكنة أخذ يضحك ويضحك ضحكات مملوءة بالسخرية المرة وقال لها:"لماذا لا تضحكين أنت أيضاً يا عبيطة...كنت تعلمين أن هذا سيحدث" واستمر فى ضحكة حتى أمتلأ المكان بصوتة.
لحقت أشجان وآلام بخوافة ووقفتا بجانبها فى هدوء ثم قالت خوافة:
-"ماذا تريد أن تقول لى يا سيدى ؟تكلم فأن عبدتك تسمع".
فى الحال كان رئيس الرعاة يقف بجانبها وقال"لا تخافى تشددى وتشجعى..وابنى لى مذبحاً آخر وقدمى علية ارادتك وذاتك".
ففعلت خوافة كما أمر وقالت:
-"مشيئتك سررت أن أصنع" وجاءت نار والتهمت الذبيحة وسمع صوت رئيس الرعاة "هذا ليس للموت بل ليتمجد اسم اللة"التقطت خوافة الحجرة المتبقية من احتراق الذبيحة ووضعتها مع السابقين.
واتجهت فى الطريق الذى أرادة لها راعيها وأثناء سيرها التقطت زلطة أخرى تذكاراً لانتصارها على ذاتها وعلى أعدائها .وهكذا ساروا حتى وجدوا أنفسهم فى"غابة السلام" كانت مملوءة بالأشجار والنباتات المختلفة والزهور المتنوعة الجميلة والطيور المغردة التى تملأ المكان بأصواتها الرقيقة .ملأت السعادة نفس خوافة وتذكرت بذرة المحبة المزروعة فى قلبها وأرادت أن تلقى نظرة لترى اذا كانت حقاً تنمو؟!فنظرت داخل قلبها ورأت عشباً أخضر وفية ما يشبة برعم الزهرة ...فبكت لأنها تذكرت أن رئيس الرعاة قال لها أنة عندما تزهر زرعة الحب فى قلبك تصبحين مستعدة للذهاب الى المرتفعات ولكن ها هى بعيدة كل البعد عن المرتفعات . ولكنها لم تبك كثيراً لأنها لاحظت وجود زهرة جميلة فى أرض الغابة كتلك التى رأتها فى صحراء مصر...
أحنت الزهرة رأسها وقالت "أنا مطيعة" فأبتسمت خوافة وتمتمت "نعم لقد نسيت"
ثم بنت مذبحاً أخر وقدمت قلبها ومحبتها وطاعتها ومثل كل المرات التهمت النار ذبيحتها وأخذت خوافة الحجرة المتبقية وعندما وصلن للطرف الآخر للغابة صرخت خوافة من الفرحة اذ رأت رئيس الرعاة ينتظرها مبتسماً ...فجرت وسجدت عند قدمية قائلة :"أنا لحبيبى والى اشتياقة.حبيبى لى وانا لة الراعى بين السوسن"
-رئيس الرعاة :"جئت لأبشرك برسالة جديدة وهى أن تكونى مستعدة ...الآن تنظرى ما أنا أفعل "
-خوافة:"هل تعنى أنة قد حان الوقت لذهابى الى المرتفعات ظنت أنة هز رأسة ولكنة لم يجب بل نظر اليها بطريقة لم تفهمها فأعادت سؤالها فرد عليها قائلاً:
"أما قلت لك الآن تنظرى ما أنا أفعل؟!"

"وآخرون تجربوا فى هزء وجلد طافوا معتازين مكروبين مذلين"(عب36:11)

8
(جبل التجريح)
سارت خوافة بعد هذا وهى سعيدة جداً .ألم يعدها رئيس الرعاة بالصعود للمرتفعات قريباً؟!!
بعد قليل أخذ الطريق يصعد نحو الجبال المشعبة وفى صباح أحد الأيام وجدوا أنهم قد وصلوا لقمة جبل صغير وكانت القمة عبارة عن مساحة واسعة من الارض المستوية وفى الناحية الأخرى بداية لسلسلة أخرى من الجبال أعلى بكثير من ذلك الذى يقفون على قمتة فى تلك اللحظة .فأدركت خوافة أنها تنظر الى حدود المرتفعات .سقطت على ركبتيها وأحنت رأسها وشكرت ،فى تلك اللحظة نسيت كل الشقاء والتعب وألالم الذى تعرضت لة.بعدها قامت خوافة من ركوعها وأخذوا فى عبور هذة المنطقة بسرعة لأنة رغم ارتفاعها فقد كانت مستوية حتى وجدوا أنفسهم عند سفح الجبال العالية .صعقت خوافة من رؤية شدة ارتفاع الجبال وتوقعت أن ترى طريق ممهد للصعود عليها ولكنها لم تجد.نظرت خوافة بذهول وكلما نظرت زاد شعورها بالخوف حتى بدأت ترتعش. كانت الجبال تحيط بهم من كل ناحية حتى بدأ أن الطريق الوحيد الممهد هو طريق الرجوع!!!
ولكن آلام أمسكت بيد خوافة وأشارت الى غزال وايل ظهرا من مكان ما بين الصخور بجانبهم وبدءا الصعود...ووقف الثلاثة ينظرن !!كان الطريق شديد التعرج وفى بعض الأحيان ضيق جداً وفى أماكن متقطع وغير متصل ببعضة فكان الغزال والايل يقفزان برشاقة ليستكملوا مسيرتهما حتى وصلوا الى القمة واختفيا عن الأنظار "ها هو الطريق لقد أوضحة لنا الغزال والايل لن نعود للوراء"هكذا قالت أشجان مشجعة .
-خوافة:"لا.....لا....هذا مستحيل أنة طريق للايل وليس للبشر لا أقدر على الصعود هكذا فسوف أسقط وأتحطم".
وبدأت ترتجف وتبكى بطريقة هيستيرية واكملت:"مستحيل مستحيل......لن أذهب للمرتفعات بعد كل هذا".حاولت رفيقتاها أن تقولا لها شيئاً ولكنها وضعت يديها فوق أذنيها حتى لا تسمع و أخذت تبكى من جديد.
-ها ها ها وأخيراً التقينا مرة أخرى يا خوافة !!كيف حالك الان ؟سعيدة؟؟!!.
التفتت خوافة ناحية الصوت ونظرت بفزع لقد كان "جبان"!!وأكمل "لقد توقعت هذا منذ البداية ...هل ظننت أنة يمكن أن تهربى منى الى الأبد ؟!!انك من عائلة الخوف وسوف أخذك لمكانك لتكونى فى أمان "
-خوافة:"لن أذهب معك".
-جبان:"اذن اختارى اما أن تصعدى على هذا الجبل ثم تقهرى فتنكسر عظامك أو ترجعى معى ".
-"خوافة ...تعرفين انة كاذب ...نادى على رئيس الرعاة حالاً."
هكذا قالت رفيقتاها...تمسكت خوافة بهما وقالت "أنا خائفة منة لأنة سيقول لى أنة يجب أن أذهب فى هذا الطريق الصعب الخطر لذا لا أقدر على مواجهتة ...أة ماذا أفعل؟..ماذا أفعل؟"
ربتت أشجان على كتفها قائلة:"لابد يا خوافة...لابد أن تنادى علية الآن وبسرعة".
-خوافة:"سيطلب منى أن أصعد ارادتى ذبيحة وأنا لا أقدر أن أفعل ذلك....لا أقدر هذة المرة".
ضحك"جبان"بانتصار وتقدم ناحيتها ولكن رفيقتيها أحاطتا بها ووضعتا نفسيهما بينة وبين ضحيتة.حينئذ نظرت أشجان الى آلام التى فهمت وهزت رأسها بالأيجاب وأخرجت سكين صغير ولكنة حاد جداً من منطقتها ووخزت خوافة التى صرخت من الألم وفعلت ما كان لابد لها أن تفعل منذ جاءت لسفح الجبل لقد صرخت"لماذا كثر الذين يحزنونى كثيرون قاموا على ...بصوتى الى الرب صرخت فاستجاب لى من جبل قدسة"
"لماذا يا خوافة"جاءها صوت رئيس الرعاة "تشددى أنا هو لا تخافى"
كان صوتة مملوء بالحب والقوة حتى أن خوافة شعرت بأن الحياة تدب فى كيانها مرة أخرى .
-رئيس الرعاة :"يا خوافة ...أخبرينى ماذا بك أنت خائفة هكذا ؟"
-خوافة:"انة الطريق الذى اخترتة لى ...انة يبدو مخيف ..اننى أشعر بالدوار كلما نظرت الية...انة للغزال والايل وليس لجبانة تعرج مثلى".
-رئيس الرعاة :"ولكن يا خوافة بماذا وعدتك عندما كنت لا تزالين فى وادى المذلة؟"
-خوافة:"وعدتنى بأنك ستجعل رجلى كالايل وتقيمنى على المرتفعات".
-رئيس الرعاة:"الطريقة الوحيدة ليكون لك ارجل الايل أن تذهبى فى طريقهم".أرتعشت خوافة وقالت ببطء:
-"لا أظن...لا أريد...لا أريد أرجل الايل اذا كان لابد لى من الصعود على هذا الجبل".
ولدهشتها ابتسم رئيس الرعاة وقال:
-بل تريدين...أنا أعلم ما فى قلبك أكثر منك...انك تشتهين أن تكون لك أرجل الايل وأنا أعدك بها...ماذا قلت لك أخر مرة؟.
-خوافة :قلت لى "انتظرى وانظرى ما أنا فاعلة"ولكنى لم أتخيل شىء هكذا ...اننى لست ايل ..ان هذا صعب جداً"
-رئيس الرعاة :"وأنا أحب أن أصنع أشياء صعبة ان اشتياقى هو أن أحول الضعف الى قوة والخوف الى ايمان والنقص الى كمال ...ان هذا عملى الخاص وسوف أحوّل خوافة الى..؟!!لننتظر ونرى ماذا ستكون!!
-خوافة هل تؤمنين بأننى سوف أغيّرك؟"
-"نعم".
"هل تدعينى أغيّرك؟"
-"نعم"
-"هل تظنى أنة من الممكن أن أتخلى عنك؟"
-"بالقطع لا ...أرجوكتمم ارادتكفى...لا شىء سوى هذا يهم".وككل المرات السابقة انحنت وركعت وقدمت ذاتها ذبيحة وأخذت الحجرة المتبقية ووضعتها فى كيسها ثم وقفت على رجليها منتظرة أن تسمع ارشادات رئيس الرعاة .

" والان يا خوافة أنت على سفح المرتفعات ومرحلة جديدة من رحلتك ستبدأ ...هذا الجبل اسمة جبل التجريح ويوجد جبال أصعب منة مثل جبل الكراهية وجبل الاتضطهاد وجبل الانتقام...ولا سبيل للوصول للمرتفعات الا اذا عبرت فوق واحد منهم وأنا اخترت لك هذا ...لقد تعلمت حتى الآن درس الطاعة وهو أول درس فى المحبة والآن يجب عليك أن تتعلمى الدرس الثانى أثناء صعودك على جبل التجريح لأنة لن يؤذيك أى شىء اذا تعلمتية".
بعد ذلك وضع رئيس الرعاة يدة فوق خوافة وباركها ثم نادى على رفيقتيها لأنهما كانتا دائماً تتركان رئيس الرعاة وخوافة أثناء حديثهما .أخذ رئيس الرعاة حبلاً ثم ربط بة أشجان ثم خوافة وأخيراً الام وهكذا كانت خوافة محاطة بمعونة رفيقتيها الشديدتين وحتى ان سقطت فسوف تستطيعان أن تجذباها الى اعلى.
أخرج رئيس الرعاة من جعبتة زجاجة صغيرة بها دواء منعش ومقوى وأوصاها أن تشرب منة لتشعر بالقوة .كان أسم الدواء هو"روح النعمة والتعزية"وحالما شربت خوافة نقطتين أو ثلاثة شعرت بحيوية جعلتها مستعدة للصعود دون تردد...ودعهم رئيس الرعاة قائلاً:
"سوف لن تقدرن على الوصول للقمة قبل انتهاء اليوم،لأنة وقت الغروب الآن -ولكن فى منتصف الطريق توجدمغارة وسط الصخور تستطعن أن تسترحن فيها.ولكن ان لم تصعدوا الآن فسوف يدرككن الأعداء ولعلى أحذركن بأنكن سوف تقابلنهم عند القمة".
عندما بدأت خوافة طريق الصعود،اكتشفت ولدهشتها الشديدة أن الطريق ليس بالصعوبة التى كان يبدو بها،صحيح كان ضيق وشديد الوعورة ولكن احساسها بأنها مربوطة بقوة لأشجان وآلام أعطاها احساس بالأمان ،كما حفظها من الدوار والسقوط"روح النعمة والتعزية".وشعرت أيضاً بأن رئيس الرعاة قريب منها جداً رغم أنها لم تكن تراة وعندما نظرت الى أسفل وجدت أعداءها الخمسة يتتبعونها بنظراتهم الحاقدة وهى تصعد الى أعلى ...حتى"الشفقة على النفس"الذى كان يبدو أقل خطورة منهم أخذ حجارة ليرشقها بها ولكنها كانت بعيدة عن مجال الرمى .وتذكرت تحذير رئيس الرعاة بأنها سوف تقابل أعداءها مرة أخرى عند وصولها للقمة.
وجدت خوافة أثناء صعودها أن المناطق التى كانت تبدو خطيرة من أسفل ممهدة وسهلة الى حد لم تكن تتوقعة .استمررن فى الصعود حتى وصلن الى المغارة التى قال عنها رئيس الرعاة فدخلن فيها ليبيتن ليلتهن.
استيقظت خوافة فجر اليوم التالى وأخذت تنظر حولها وتفكر "كم هو موحش هذا المكان لا يوجد فية أى كائن حى حتى ولو شجرة...هذة الصخور شكلها قاسى...تبدو كما لو كانت تنتظر فريسة لتمزقها"وفيما هى تفكر هكذا لفتت نظرها وردة حمراء تنمو على جذع رفيع جداً وتشق طريقها بصعوبة الصخور الصلبة حتى أنة لم يكن لها سوى ورقتين.
-خوافة:"ما اسمك أيتها الوردة الجميلة؟"
-الوردة:"اسمى سماح"فتذكرت خوافة كلمات رئيس الرعاة :"عند صعودك يجب أن تتعلمى الدرس الثانى فى المحبة".
-خوافة:"ولكن لماذا اسمك سماح؟"
-الوردة:"لأننى أبعدت عن صديقاتى وطردت من بيتى وسجنت فى هذة الصخور وتركت لأعانى من نتيجة أفعال الأخرين ولكننى تحملت ولم أجزع ولم أتوقف عن المحبة فهى التى ساعدتنى أن أشق طريقى وسط الصخور حتى أتمكن من رؤية وجة الشمس ،فلا يوجد شىء حولى يستطيع أن يحول انتباهى عنها انها تشرق على فتفرحنى وتعوضنى عن كل ما خسرتة.لا يوجد وردة فى العالم كلة تفرح بحالها وظروفها مثلى لأنى دائماً أردد"من لى فى السماء ومعك لست أريد شيئاً على الأرض".
نظرت خوافة الى الوردة الحمراء بغيرة وعرفت ما لابد أن تفعلة فسجدت وقالت :"يا سيدى...هوذا أنا عبدتك سماح".وعندما قالت هذا سقطت حجرة من جانب الوردة فوضعتها خوافة فى كيسها مع الأخريات .
رجعت خوافة الى حيث كانت أشجان وآلام فى انتظارها ليستكملن رحلتهن .وبعد مسيرة قصيرة أتين الى منزلق خطير مما أدى سقوط خوافة للمرة الاولى فجرحت جرحاً عميقاً ولحسن حظها أنها كانت مربوطة جيداً برفيقتيها والا لسقطت الى سفح الجبل وربما أودى ذلك بحياتها .وعندما تصورت خوافة ما كان ممكناً حدوثة لها ملأ الفزع قلبها وشعرت بدوار فجلست وأخذت تستغيث:"انى سأسقط...انى خائفة أغيثونى "قبضت أشجان بشدة على الحبل الذى يربطهما حتى لا تسقط خوافة وجاءتها آلام قائلة :"اشربى من روح التعزية الذى أعطاة لك رئيس الرعاة ".
-خوافة:"لا أعرف أين وضعت الزجاجة...اننى حتى غير قادرة عن البحث عنها"قالت هذا وارتمت فى أحضان آلام التى أخذت تبحث عن الزجاجة فى جعبة خوافة حتى وجدتها وأسالت بعض القطرات على شفتى خوافة فبدأت تتقوى وتستعد للوقوف .ولكن لأن ركبتيها كانتا قد جرحتا فقد سرن ببطء شديد وخوافة تتأوة وتشكى وتتذمر وبدا أنهم لن يصلن للقمة قبل حلول الظلام ...فقالت لها آلام :"خوافة ...ماذا كنت تفعلين هذا الصباح عندما تجولت وحدك خارج المغارة؟".
احمر لون خوافة خجلاً وأجابت:"كنت أتأمل وردة جميلة!!"
-ألام:"وما اسم الوردة يا خوافة؟"
-خوافة بصوت هادىء خجول:"اسمها سماح"وسكتت لأنها أدركت أنها لا تمارس ثانى درس فى المحبة.ثم قالت بعد قليل:"هل يمكن أن أضع بعض من الدواء على ركبتى؟".
أجابت أشجان وألام:"جربى".
وعندما وضعتا بعض من الدواء على ركبتيها توقف النزيف وقل الألم ...ولذلك مشين بسرعة أكبر حتى تمكن من الوصول للقمة وقت الغروب فجلسن ليسترحن فوق العشب الأخضر وتحت ظلال أشجار الأرز...
هنا سمعن صوتاً جميلاً ينشد:
"كلك جميل يا حبيبتى ...ليس فيك عيب هلمى معى من لبنان...يا عروس معى من لبنان.
انظرى من رأس أمانة ...من رأس شنير و حرمون من خدور الأسود...من جبال النمور."ومن بين الأشجار ظهر رئيس الرعاة أتياً نحوهن.

"بأسفار مراراً كثيرة بأخطار سيول وبأخطار فى البرية ...فى تعب وكد."(2كو27،26:11)

9
(فى غابة الخطر والرعب)
يا لة من فرح ذلك الذى استقبلن بة رئيس الرعاة حينما جاء وسطهم وبعد أن هنأهن بحرارة على صعودهن قمة جبل التجريح وضع يدة على جراحات خوافة وفى الحال التأمت .ثم بدأ يكلمهن عن الطريق الذى سيسلكنة ."الآن يجب عليكن أن تجتزن هذة الغابة التى أمامكن واسمها(غابة الخطر والرعب)فيها ينمو شجر ألأرز بكثرة لدرجة أنة يحجب أشعة الشمس فيغطى الغابة الظلام وتهب العواصف الكثيرة ولكن لا تهتمن لأنة لن يؤذيكن شىء ما دمتن سائرات حسب ارادتى".
كان شيئاً غريباً أن تجزع خوافة ثانية بعد أن اجتازت تجربة صعود جبل التجريح ولكن هذا ما حدث "غابة الخطر والرعب؟ الى أين ستقودنى ثانية بعد هذا؟!".قالت خوافة بانزعاج.
-رئيس الرعاة :" انها المرحلة التالية فى طريقك للمرتفعات ".
-خوافة:"لست أدرى كيف تريدنى أن أصعد الى المرتفعات وأنت تعلم أن رجلى مازالتا عرجاوتان ...لماذا تهتم بى هكذا؟! لماذا لا تتخلى عنى وتتركنى ؟! فأن صعودى للمرتفعات أراة مستحيلاً ".
نظر اليها رئيس الرعاة بجدية"انظرى الى يا خوافة...هل تعتقدينأننى أخدعك ؟هل وعدت ولم أتمم أو تكلمت ولم أفعل؟"
ارتعدت خوافة وأجابت بندم :" حاشا بل لتكن أنت صادقاً وكل انسان كاذباً".
فلما رأى رئيس الرعاة أنها أجابت بندم تحنن عليها وقال"أنا سأقودك خلال المخاطر ...لا تخافى لأنى أنا معك...ان سرت فى وادى ظل الموت فلا تخافى شراً لأن عصاى وعكازى هما يعزيانك .لا تخافى من هول الليل ولا من سهم يطير فى النهار ولا من أمر يسلك فى الظلمة ولا من شيطان الظهيرة يسقط عن يسارك ألوف وعن يمينك ربوات أما أنت فلا يقتربون اليك".
فسجدت خوافة عند قدمية وبنت مذبحاً وقالت:
-"أن سرت فى وادى ظل الموت فلا أخاف شراً لأنك أنت معى".
ابتسم لها رئيس الرعاة معزياً اياها قائلاً :
-يا خوافة لا تتركى خيالك يلعب بك ويرسم لك أخطاراً غير موجودة و أحذرك بأن أعداءك كامنون لك خلف الأشجار...فأذا تركت "جبان" يصور لك مخاوف فستصيرين فى رعب شديد.ثم أخذ حجرة أخرى وأعطاها أياها لتحتفظ بها ثم باركهن وودعهن ليسرن فى طريقهن ...بعد لحظات وجدن"شفقة على النفس"يطل من خلف شجرة ويصرخ"ما هذا يا خوافة ؟...ما هذا الذى يفعلة بك وأنت ضعيفة؟ ...يجعلك تسيرين فى طريق لا يسلكة الا الرجال الأبطال؟!".
- بعدة قال"ندم"و كأن الأرض أنشقت عنة :"ثم أنة لم يكن هناك داع أن يجعلك تسيرين فى هذا الطريق الخطر الذى يليق بالشهداء مع أنة يوجد طرق سهلة كثيرة...قولى لة أنك لن تسيرى فى هذا الطريق الصعب".
بعدهما قال "جبان"متهكماً:" ألعلك تظنين نفسك بطلة صغيرة؟...انك حقاً لمجنونة".
انبرى بعدهم مرارة قائلاً:" تماماً كما قلت لك كلما انتهيت من رحلة صعبة قادك الى طريق أصعب".
أخيراً تكلم كبرياء رغم أنة كان لا يزال يقاسى من أثر السقطة التى نالها على يد رئيس الرعاة "أنت تعرفين أنة لن يهدأ حتى يذلك ويهينك لأن هذا ما يسمية بالتواضع ...انة سيذلك حتى التراب يا خوافة".وبعد مدة عندما رأى الأعداء أنها لا تتأثر بكلامهم فارقوها الى حين".
فى البداية لم تكن الغابة موحشة ومرعبة كما يبدو من اسمها...ربما كان ذلك بسبب الهواء النقى وبعض من أشعة الشمس التى تسربت من خلال فروع الاشجار ولكن هذا لم يدم طويلاً فلم يمض وقت طويل حتى غطت السحب السوداء الكثيفة وجة الشمس وظهر برق يشق عنان السماء وتبعة أخر ثم رعد مدوى وهطلت الأمطار وارتجت الغابة تحت وطأة العاصفة.أما الغريب حقاً فهو أن خوافة لم تكن تشعر بأى نوع من الخوف بل أخذت تردد فى نفسها "يسقط عن يسارك ألوف وعن يمينك ربوات أما أنت فلا يقترب أليك الشر".وبعد فترة بدأت العاصفة تهدأ ورأوا جبان يجرى ناحيتهم ويصيح بأعلى صوتة"ارجعوا من الطريق الذى أتيتم منة فأن العاصفة القادمة ستكون أسوأ"...
وعلى غير توقع قالت خوافة لرفيقتيها:" افعلا مثلى فأنى لم أعد أحتمل هذا الجبان"
ثم انحنت وأخذت حجارة من الأرض وبدأت ترشق بها جبان فضحكت رفيقتاها لأول مرة وفعلن مثلها فظهر أعداءها الخمسة من خلف الأشجار التى كانوا يختبئون وراءها وأخذوا يفروا هاربين.
أكملت خوافة ورفيقتاها سيرهم حتى وجدن كوخاً صغيراً مبنياً فى وسط الغابة فذهبن تحاهة ووجدن علامة رئيس الرعاة مرسومة على الباب ففرحن جداً ودخلن ليسترحن.
وفيما هن جالسات فى هدوء بدأت العاصفة وبصورة أشد وأخطر حتى أن الكوخ كان يهتز وفكرت خوافة فى نفسها:"ان التواجد تحت سقف الكوخ يبعث فى نفسى سلاماً لم أكن أتوقعة رغم شدة الأخطار من العاصفة فى الخارج...ان هذة أكثر اللحظات المملوءة سلاماً منذ بدأت رحلتى حقاً ان الساكن فى ستر العلى فى ظل الة السماء يبيت".
وخلال تلك الأيام التى أمضينها فى الكوخ شعرت خوافة أنها تحب أشجان وألام كما لو كانتا صديقتين عزيزتين عليها.وذات يوم وجدت آلام تنشد هذا النشيد:"ما أجمل رجليك بالنعلين يا بنت الكريم.
من هذة الطالعة من البرية مستندة على حبيبها.
من هى المشرقة مثل الصباح جميلة كالقمر طاهرة كالشمس مرهبة كجيش بألوية".
-خوافة:"ما أجمل هذا النشيد يا آلام أرجوك علمينى أياة ..انة يذكرنى بالموعد بأن تكون رجلى كالأيل "كررت آلام النشيد عدة مرات حتى حفظتة خوافة عن ظهر قلب وأخذت ترددة طوال الوقت.
+ + +
"ولكن ان كنا نرجو ما لسنا ننظرة فأننا نتوقعة بصبر"(رو25:Cool

10
(فى الضباب)
بعد عدة أيام هدأت العاصفة وحان الوقت لأستكمال الرحلة ولكن رغم ذلك استمر وجود ضباب كثيف جداً يحيط بكل شىء فلم يرين سوى جذوع الأشجار التى بجانبهن واستمر هذا الحال عدة أيام حتى نفذ صبر خوافة وقالت:
-"ياة ألن يتغير هذا الجو المقبض؟"
وهنا سمعت صوتاً كانت تعرفة جيداً وهو صوت ندم :"لا لن يتغير بل سوف يزداد سوءاً .ثم ألم تلحظى أن الطريق لا يصعد الى أعلى انك تطوفين حول الجبل لأنك ضللت الطريق الصحيح".
فكرت خوافة فى نفسها أن كلام ندم صحيح وقالت لرفيقتيها"هل تظنان أننا ضللنا الطريق بسبب الضباب؟".
-أجابتاها باقتضاب :"لا تسمعى لصوت ندم ".
وهنا جاء صوت مرارة قائلاً :
-"على الأقل ارجعى مسافة بسيطة لترى ان كنت ضللت الطريق أم لا بدلاً من أن تسيرى مسافة طويلة فى طريق خاطىء".
-خوافة:"أظن أنة يجب أن نسمع لنصيحتة هذة المرة"
-أشجان :"اذا كنا فى الحقيقة نطوف فى دائرة فسوف نرى الطريق الصحيح فى الدورة القادمة".
-همست الشفقة على النفس :"يا مسكينة يا خوافة انك تضيعين وقتك يوماً بعد يوم بلا فائدة".
وهكذا استمرت همساتهم وايحاءاتهم تملاً الجو حول خوافة ورغم أنها كانت تعرف أنهم يكذبون الا أن ذلك لم يمنعها من التعثر المتكرر .
وأخيراً قررت أن تنشد النشيد الذى علمتة اياها آلام حتى لا تسمع همسات أعدائها .وما أن انتهت حتى سمعت صوتاً يهتف بفرح:"أين تعلمت هذا النشيد يا خوافة؟".
لم تتمالك خوافة نفسها من الفرح عندما رأت رئيس الرعاة قادماً نحوهم فأخذت تجرى لتقابلة وانقشع الضباب فجأة وأشرقت الشمس.
-رئيس الرعاة "أخبرينى يا خوافة أين تعلمت هذا النشيد؟".
- خوافة :"آلام علمتنى أياة ".
-رئيس الرعاة :"انة جميل جداً ولذلك سأضيف علية بعض الأبيات"دوائر فخذيك مثل الحلى صنعة يدى صناع .لقد شبهتك يا حبيبتى بفرس فى مركبات فرعون ما أجملك وما أحلاك أيتها الحبيبة باللذات كلك جميل يا حبيبتى ليس فيك عيب .
لقد كنت أسير وراءك طوال هذة الفترة وسعدت لأنى رأيتك تنشدين".
احمر وجة خوافة خجلاً لأنها أدركت أنة كان يرى تعثرها وضعفها ونظرت الية بأستعطاف
-رئيس الرعاة :"يا خوافة ألم تدركى بعد اننى كلما نظرت الى ضعفك وتعثرك فى الطريق الصعب أتطلع الى اليوم الذى ستكونين فية على المرتفعات بلا عيب ...اننى أريدك أن تتعلمى الجزء الذى أضفتة لك فى النشيد".
-خوافة :"نعم يجب أن أنشد لهذا الصانع الماهر الذى يتعب معى كثيرا".
-رئيس الرعاة :"ها كنت تعتقدين أننى كنت سأتركك تضلين الطريق دون أن أنبهك وأحزرك؟؟".
-خوافة :"لقد كانوا يصرخون فى وجهى وكدت أصدقهم".
-رئيس الرعاة :"أنصحك بترديد الأناشيد التى تعرفينها فهذا يصم أذنيك عن وشايتهم ...بالمناسبة هل تجدين أشجان وآلام رفيقتين جيدتين؟"
-خوافة :"نعم !!لم أكن أتخيل أننى سأحبهما ولكن هذا ما حدث .. فلولا وجودهما معى لما استطعت الوصول الى هنا".
-رئيس الرعاة بنبرة جادة:"خوافة هل تحبيننى لدرجة الثقة بى تماماً؟".
أدركت خوافة بأنة يعدها لمرحلة صعبة أخرى قادمة فأجابت بصوت منخفض:
-"أنت تعلم أننى أحبك على قدر طاقة قلبى الصغير كما تعلم أننى أثق بك وأتمنى أن أحبك و أثق بك أكثر وأكثر ".
-رئيس الرعاة :"وهل تظلين واثقة حتى لو قال لك العالم كلة أننى أخدعك وقد كنت أخدعك طوال رحلتك؟".
نظرت الية بتعجب وقالت:"نعم أثق بك لأنى أعلم أنك لا تخدعنى ...اننى أخاف كثيراً ولكن فى داخلى أعرف حبك الكثير لى يا راعى ..فأن يمينك تعضدنى ولطفك يعظمنى".
لم يرد رئيس الرعاة وسكت لبرهة ونظر اليها بحب وشفقة ثم قال بهدوء شديد "افترضى يا خوافة اننى أخدعك بالفعل...ماذا تفعلين؟!
سرت برودة ورعشة فى كيان خوافة...هل يمكن أن يكون هذا صحيح ؟هل ستحبة بعد هذا؟ هل ستعيش بدونة؟ هل ستفقدة؟ وهنا انفجرت فى البكاء ثم رفعت وجهها وقالت:
-"يا سيدى أن أردت أن تخدعنى فليكن...لأنة من مثلك أنت الذى أريتنى ضيقات كثيرة وردية...تعود فتحيينى ومن أعماق الأرض تعود فتصعدنى ...تزيد عظمتى وترجع فتعزينى".
وضع رئيس الرعاة يدة على رأسها بحنان ورفق لم تشعر بة خوافة من قبل ثم انصرف بدون كلمة واحدة.فأخذت خوافة من الأرض حيث كان واقفاً زلطة باردة جداً ووضعتها مع الباقى وذهبت لتستكمل الرحلة مع رفيقتيها.

"لكن ما كان لى ربحاً فهذا قد حسبتة من أجل المسيح خسارة"(فى7:3)

11
(وادى الخسارة)
بعد مدة قليلة ولصدمتهن الشديدة وجدن الطريق ينحدر الى أسفل الى سفح الجبل...تماماً كما حدث فى بداية الرحلة عندما انحدر الى أرض مصر.
توقف الثلاثة ونظرن بعضهن الى بعض ثم الى الوادى ووجدن أنة فى الناحية الأخرى جبالاً أعلى من جبل التجريح.
فى تلك اللحظة اختبرت خوافة أشد وأفظع ألم عرفتة طوال الرحلة ...لقد كن على وشك الوصول للمرتفعات ولكن الآن يجب عليها أن تنزل وكأنها تبدأ رحلتها من جديد....وكأن كل تجاربها ضاعت هباء وتعبها ذهب أدراج الريح.
تجمد قلب خوافة داخلها وفكرت...كيف تستطيع أن تتبع من يطلب منها كل هذة التضحيات وللحظة السوداء فكرت أن تكف عن أتباع رئيس الرعاة!!!....لم يكن هناك داعى ...لقد سارت فى هذا الطريق لأنها ارادتة ولكنة لم يكن الطريق الذى تحب أن تسلكة...ربما كان أقرباؤها على حق...يجب أن تنهى آلامها وأشجانها فى الحال وتكف عن أتباع رئيس الرعاة وتختار طريقها بنفسها وبدونة....هنا صرخت وكأنها رأت الجحيم بعينة ونادت...
"ارحمنى لأنى ضعيفة اشفنى لأن عظامى قد اضطربت ونفسى قد انزعجت جداً عد ونج نفسى".وفى اللحظة التالية كانت خوافة تمسك براعيها وتبكى وتقول "افعل أى شىء...اطلب منى أى شىء...فقط لا تدعنى أتركك...لا تعطنى أى شىء وعدتنى بة....فقط لا تدعنى أتركك".رفعها رئيس الرعاة من على الأرض حيث كانت تمسك بقدمية ومسح دموعها بيدة وقال لها بصوتة الحنون القوى :
-"لا تخافى...حتى ذاتك لا تستطيع أن تأخذك منى...دعوتك بأسمك أنت لى.هوذا على كفى نقشتك...ألم تتعلمى الدرس حتى الآن...هذا التأجيل ليس للموت بل ليتمجد اسم اللة...ما أنا فاعلة الآن لست تفهمينة لكنك ستفهمينة فيما بعد.خرافى تسمع صوتى وتتبعنى ...انها ارادتى أن تنزلى الى هذا الوادى الآن ولك وعد جديد منى وهو(أذناك تسمعان كلمة خلفك قائلة هذة هى الطريق اسلكى فيها حينما تميلين الى اليمين وحينما تميلين الى اليسار)والآن يا خوافة هل تتخلين عن كل ما أحرزتية حتى الآن فى هذة الرحلة وتقبلى النزول لوادى الخسارة فقط لأن فى هذا ارادتى؟".
كانت لا تزال مستندة على ذراع رئيس الرعاة وقالت من كل قلبها كلمات قالتها سيدة أخرى من قبل..."لأنة حيثما ذهبت أذهب وحيثما بت أبيت شعبك شعبى والهك الهى حيثما مت أموت وهناك أندفن هكذا يفعل بى الرب وهكذا يزيد انما الموت يفصل بينى وبينك".
وهكذا بنى مذبحاً اخر على قمة وادى الخسارة وزاد عدد الحجارة فى كيس خوافة واحدة وفى طريق النزول بدأت أشجان وآلام نشيداً جميلاً قائلتين:
-"أين ذهب حبيبك أيتها الجميلة بين النساء أين توجة حبيبك فنطلبة معك؟".
-وردت خوافة:"حبيبى نزل الى جنتة الى خمائل الطيب ليرعى فى الجنات ويجمع السوسن أنا لحبيبى وحبيبى لى الراعى بين السوسن".
-أخيراً أجابهن رئيس الرعاة :"أنت جميلة يا حبيبتى كترصة حسنة كأورشليم مرهبة كجيش بألوية.حولى عنى عينيك فأنهما قد غلبتانى".
ورغم شدة انحراف الطريق فانة بدا سهلاً لأن خوافة أرادت أن تنفذ ارادة رئيس الرعاة بكل طاقتها لتفرحة...لقد أدركت أن فى قلبها اشتياق ليس للأشياء التى يعطيها اياها رئيس الرعاة ولكن اشتياق وحب لشخصة هو فقط وليس سواة.لا شىء سوى حبة حتى فى الالام والأحزان والخسارة لأن الوجود فى حبة والعدم فى غيابة.
وهكذا وصلن الى الوادى بسرعة ووجدتة خوافة مكاناً جميلاً جداً وكأنة حديقة كبيرة بديعة مملوءة سلاماً وهدوءاً يبعث فى النفس أماناً وطمأنينة".
وأثناء سيرهن فيها كن ينشدن:تعال يا حبيبى لنخرج الى الحقل ولنبت فى القرى .لنبكرن الى الكروم...لننظر هل أزهر الكرم...هل تفتح القعال هل نور الرمان...هناك أعطيك حبى اللفاح يفوح رائحة وعند أبوابنا كل النفائس من جديدة وقديمة ذخرتها لك يا حبيبى ".
أما أكثر شىء كان يفرح خوافة فهو وجود رئيس الرعاة بجانبها معظم الوقت.وذات يوم قال لها:"أنا سعيد بأنك تستمتعين بوجودك هنا.ان المذبح الذى بنيتة ساعدك كثيراً فى تقبل وجودك فى وادى الخسارة".قال هذا ونظر اليها نظرة كانت خليط من الرأفة والأصرار...فقالت خوافة فى نفسها
-"ترى ماذا سيفعل بى بعد كل هذا ...انة لن يترك فى نفسى أى ضعف أو نقص ...هل سأحتمل ما سيفعلة بى؟!!"...تفكرت فى هذا لأنها كانت لا تزال ...خوافة.

"ها أنا أنظر السموات مفتوحة وابن الأنسان قائم عن يمين اللة .واذ قال هذا رقد"(أع 7)

12
(التجلى)
أما ما فعلة رئيس الرعاة بعد ذلك فقد كان شيئاً رائعاً .اذ بعد مدة قليلة من الحديث الذى دار بينة وبين خوافة أتين الى نهاية الطريق الذى عبر بهم وادى الخسارة حتى سفح جبال أعلى و أعتى من جبل التجريح...ووجدن رئيس الرعاة يقف بجانب مركبة معلقة تربط بين سفح الجبل وقمتة .كانت خوافة على وشك الأعتراض من الخوف ولكن رئيس الرعاة قال لها:"هيا يا خوافة اركبى وسأركب بجانبك ونصل الى المكان الذى أريدة بدون تعب أو مجهود ".....
وعندما وصلوا لقمة الجبل نزلت خوافة من المركبة لتجد نفسها فى مكان من أجمل الأماكن التى مرت بها...صحيح لم تكن قد وصلت الى مملكة الحب ولكن هذة هى الحدود،مكثوا عدة أيام فى هذا المكان الرائع ليستريحوا من عناء الرحلة...وفى بعض الأحيان كان الضباب الذى يحيط بالمرتفعات كستارة كثيفة ينقشع فيبصرون المرتفعات لفترة قصيرة ،لكنها كانت كافية ليتأكدوا من وجودها.
وفى آخر يوم لهم فى هذا المكان أخذ رئيس الرعاة خوافة الى مكان مرتفع وتجلى أمامها بصورتة الملكية فتأكدت خوافة أن رئيس الرعاة هو نفسة ملك المحبة فسجدت لة....
عندئذ مد يدة ورفعها ثم قادها الى حيث يوجد مذبح ذهبى لم تقدر خوافةعلى النظر الية لأن أشعة الشمس كانت تنعكس علية متوهجة...وهنا أخذ ملك المحبة قطعة جمر ومسَّ بها شفتى خوافة قائلاً :"أن هذة قد مست شفتيك فانتزع اثمك وكفر عن خطيتك".
ثم أخذها رئيس الرعاة وأراها مملكة الحب من بعيد قائلاً:
-"لقد أريتك لمحة من المملكة التى سأخذك اليها.فى الغد تبدأين أنت ورفيقتيك آخر مرحلة فى الطريق ثم أضاف برقة بالغة:"لك قوة يسيرة وقد حفظت كلمتى ولم تنكرى اسمى هأنذا أجعل الذين من مجمع الشيطان يأتون ويسجدون أمام رجليك ويعرفون اننى أنا أحببتك...تمسكى بما عندك لئلا يأخذ أحد اكليلك.من يغلب فسأجعلة عموداً فى هيكل الهى ولا يعود يخرج الى خارج وأكتب علية اسم الهى واسمى الجديد".
استجمعت خوافة شجاعتها وسألت:"هل آن الأوان لتكمل وعدك؟وهل الوقت قريب؟"
-رئيس الرعاة :"نعم يا خوافة...قريب جداً تشجعى وافرحى لأننى سأعطيك اشتياق قلبك".
ثم بعد ذلك أتوا الى حيث أشجان وآلام فباركهن رئيس الرعاة وصرفهن.ولكن أشجان وآلام سجدتا وقالتا :"ما أسم هذا المكان الذى نحن فية الآن؟".
-أجابهن بصوت منخفض وهادىء:
"الى هذا المكان أحضر أحبائى لتطييبهم استعداداً لدفنهم".لم تسمع خوافة هذا الكلام لأنها سبقت فى الطريق بسبب فرحتها الشديدة وكانت تقول لنفسها "لقد قال لى تشجعى وافرحى لأننى سأعطيك اشتياق قلبك".
"فأنى أنا الآن أسكب سكيباً ووقت انحلالى قد حضر"(2تى6:4)

13
(أرض المريا)
سرن عدة أيام حتى وصلن الى بيت خشبى مبنى على هيئة فلك فدخلن فية ليسترحن وتناولن خبزاً وكأساً من عصير الكرمة من على المائدة التى هيأها لهم أحد الشيوخ من خدام رئيس الرعاة .
وتلك الليلة استيقظت خوافة فجأة على صوت يناديها:
-"خوافة".
-هأنذا.
الصوت:"خوافة" خذى ذاتك التى تحبينها وحياتك الأرضية -واذهبى الى المكان الذى أرشدك أياة-وقدميهما هناك محرقة".
-خوافة:"ربى هل تقصد هذا فعلاً؟"
-"نعم يا خوافة وهلمى لأريك الموضع الذى سوف تقدمى فية الذبيحة".
قامت خوافة بهدوء حتى لا توقظ أشجان وآلام وذهبت الى الباب وعندئذ وكأن نافذة قد انفتحت فى الضباب وأضاء من خلالها القمر ورأت بداية شلالات المياة التى تنحدر على كل الجبل وتسقى كل الوديان بما فيها وادى المذلة وجاءها الصوت ثانية:
-"هذا هو المكان الذى سوف تقدمين فية ذبيحتك يا خوافة".
-خوافة:"هو ذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك".
بكرت خوافة صباحاً وأخذت رفيقتيها معها وقامت لتذهب الى الموضع الذى أُ علمت بة.فى اليوم التالى وجدن ينبوع ماء صغير وسمعت خوافة الصوت يقول لها :"اشربى من هذا الماء لتتقوى" فانحنت خوافة لتشرب وعندما ذاقت الماء صرخت قائلة:"ان هذا الماء مر جداً". ان شئت أن تجيز عنى هذة الكأس ولكن لتكن لا ارادتى بل ارادتك".
فسمعت الصوت قائلاً:" هناك شجرة تنمو بقرب الينبوع..اكسرى منها فرع والقية فى ماء مارة".
نظرت فوجدت شجرة شوك رفيعة فى كل ناحية منها ينمو فرع واحد...تماماً كذراعى صليب.قطعت جزء من الشجرة وعندما طرحتة فى الماء صار الماء عذباً فشربت وانتعشت واستعادت قواها...ومن جانب الينبوع أخذت الحجرة الثانية عشر.
وفى اليوم الثالث رفعت خوافة عينيها وأبصرت الموضع من بعيد...وفى منتصف النهار نحو وقت الظهيرة وصلن للمكان المحدد لتقديم الذبيحة.
"لاأعرفة وقوة قيامتة وشركة الامة متشبهاً بموتة"(فى 10:3)

14
(قبر على الجبال)
فجأة وجدن أنفسهن عند حافة هوة عميقة تقطع عليهن الطريق لمواصلة الرحلة...كان الضباب كثيفاً لدرجة أنهن لم يستطعن أن يتأكدن من عمق الهوة ولا حتى الحافة المقابلة لهن وبدت الهوة وكأنها قبر لا حد لة يفتح فاة ليبتلعهن.
-خوافة : ماذا سنفعل الآن؟هل نقفز للناحية الأخرى؟".
-أشجان وآلام:" لا ...ان هذا مستحيلاً يجب أن نقفز فى الهوة".
-خوافة : " لم أكن أدرك هذا...ولكن هذة هى الخطوة الصحيحة".ومدت يديها لرفيقتيها لتساعداها على القفز ولكنهما عندما تحققتا من ضعفها الشديد وارهاقها الواضح حملاها فيما بينهما ثم قفزا بها فى الهوة...ونظراً لقوة أشجان وآلام فقد تمكنتا من القفز والهبوط دون أن يسبب ذلك أى ألم لخوافة. عندما نظرن حولن لم يستطعن أن يرين شيئاً بوضوح سوى مذبح حجرى وبجانبة وقف شخص غير واضح الهيئة .
- خواقة :" هذا هو المكان المعين لتقديم الذبيحة".ثم ركعت عند المذبح وقالت :"يا سيدى هل تساعدنى الآن لأقدم الذبيحة التى أمرتنى بها؟".
ولأول مرة لم تكن هناك أى أجابة وتذكرت ما قالة مرارة ذات يوم :"فى يوم ما سيضعك على صليب ويتركك تعانى وحدك".
يبدو أن مرارة كان على حق ولكنها لم تعد تهتمبأى شىء سوى أن تتم مشيئة من تحب مهما كان الثمن .وهكذا ظلت راكعة ومنتظرة ...كانت تعلم أنة لن ينادى عليها ملاك ليأمرها بعدم تقديم الذبيحة ولكن هذا لم يخفها اذ كانت قد ثبتت وجهها لتنفيذ ارادة من تحب.
وبعدما انتظرت فترة ولم يحضر رئيس الرعاة حاولت أن تنزع ذاتها ولكن عند اللمسة الأولى شعرت وكأن ألماً حاداً سرى فى جسدها وأدركت أنها لن تقدر على تقديم الذبيحة بنفسها .
وهنا تحرك الشخص الواقف وراء المذبح وقال:"اذا أردت فسأساعدك ".
-خوافة:"شكراً لك ...من فضلك ساعدنى...ولكنى جبانة جداً وربما يؤدى الألم الذى سأشعر بة الى مقاومتك..
فأرجو أن تقيدنى على المذبح حتى لا أوجد مقاومة لمشيئة سيدى وهى تتم فى".
ساد الصمت برهة وأجابها :"حسناً قلت...سأربطك".
وأخذ ذراعيها وفتحهما ثم ربطهما وقيد رجليها فوق بعض وعندما انتهى نظرت خوافة الى أعلى نحو المرتفعات التى تراها وقالت:"ها أنا يا سيدى فى المكان الذى أرسلتنى الية أفعل ما أمرتنى بة...حيثما مت أموت وهناك أدفن".
ساد المكان صمت رهيب...صمت القبور...لأن خوافة فعلاً كانت فى قبر أمالها...لم تأخذ شيئاً من الوعود ...ولم تصل الى المرتفعات ولكنها رددت الوعد الذى بسببة قامت بهذة الرحلة " الرب السيد قوتى ويجعل قدمى كالأيل ويمشينى على مرتفعات ".
عند هذا مد الكاهن يدة وانتزع الحب من قلبها وأخرجة بكل جذورة ثم طرحة على المذبح وجاءت نار والتهمتة ولم يتبق منة شىء سوى رماد ...تملك سلام عميق على قلب خوافة وعندما كان الكاهن يفك قيودها حانت منها التفاتة ورأت والدة رئيس الرعاة الحنونة - تلك التى كانت تطلب منها فى غروب كل يوم من أيام عمرها لتكون بجانبها فى هذة الساعة - وعندما رأتها خوافة ابتسمت وأمالت رأسها وراحت فى نوم عميق.

"لأننا نعلم أنة ان نقض بيت خيمتنا الأرضى فلنا فى السموات بناء من اللة بيت غير مصنوع بيد.أبدى"(2كو1:5)
اخيراً
على المرتفعات
عندما استيقظت خوافة كانت الشمس تتوسط كبد السماء.نظرت خارج الكهف الذى وجدت نفسها ملقاة فية وحاولت أن تسترجع ما حدث لها....
كان المكان مملوء برائحة المر والطيب وأدركت أن الثياب المصنوعة من الكتان الأبيض النقى التى تلبسها هى المصدر.....وهنا تذكرت ما حدث فنظرت الى قلبها وأزاحت الضمادة ...ولدهشتها لم تكن هناك أى أثار للجراح أو الالام فى قلبها أو فى أى مكان آخر فى كيانها.
قامت بهدوء وخرجت خارج الكهف الذى كان منحوتاً فى صخرة كانت فى الهوة التى قدمت فيها ذبيحتها .كان المكان مضاء بنور باهر فبدا مختلفاً عما كان وسط الضباب الكثيف ورأت الزهور الجميلة تحيط بالمذبح والخضرة انها وجدت منبع النهر يبدأ من تحت المذبح ...قفز قلبها من الفرحة وملأ السلام العميق كيانها كلة.لم يكن هناك أى أثر لرفيقتيها أشجان وآلام .كانت وحدها مع الطيور المغردة والفراشات الملونة وهى تنتقل فرحة من غصن الى غصن ومن زهرة الى أخرى.
أخذت خوافة بعض الوقت لتتمكن من استيعاب الجو المحيط بها....ثم قامت وتقدمت نحو النهر و كأنة يجذبها الية.
وانحنت لتأخذ فى كفها بعض الماء وعندما لمستة بدا وكأن كيانها قد سرت فية تيارات من البهجة والسعادة مختلطة بشجاعة غامرة فدلفت الى النهر وأحست بفرح وغبطة لم تعهدها من قبل وكأن المياة قد بعثت فى نفسها نبضات الحياة.
وعندما صعدت من الماء شعرت أنة لم يعد فيها أى نقص من أى نوع وبسرعة حولت نظرها الى قدميها لتكتشف أنهما بلا عيب وأيقنت أن هذا هو النهر الذى لشفاء الأمم الذى تكلم عنة رئيس الرعاة فى بداية رحلتها.
جرت نحو النهر لترى وجهها فى المياة...لم تكد تعرف نفسها ...لقد اختفى الاعوجاج من فمها وأصبحت رائعة الجمال.
ولبثت قليلاً على هذة الحالة من السعادة ثم شعرت وكأن أحداً يناديها ...حقيقة لم تسمع اسمها وحقيقة أيضاً أنها لم تسمع صوتاً ولكنها شعرت بة فى قلبها وحاولت الخروج من الهوة ولكن كيف لها هذا والجبال تحيط بها من كل جانب.....
تكرر ما حدث يوماً عند جبل التجريح اذ جاء غزال وأيل وتقدماها فى الصعود وكأنهما يرينها الطريق وأين تضع قدميها ....ففعلت مثلهما وقفزت صاعدة ورائهما كأنها مثلهما وما هى الا لحظات حتى وجدت نفسها تعتلى قمة الجبل ..وهناك رأتة!! ..تماماً كما توقعت أن تراة...مملوء مجداً وكرامة وقوة.نادى عليها :"أنت يا ذات أرجل الأيل -تعالى هنا"
وجرت نحوة وسجدت أمامة...كان تاج ملوكى على رأسة ومتسربلاً بثوب الى الرجلين ومتمنطقاً عند ثديية بمنطقة من ذهب.
"أخيراً جئت وانقضى ليل البكاء وحل صباح السرور"قال لها هذا وأقامها من سجودها وأكمل "لقد حان وقت تتميم الوعد ...وأكتب عليها اسمى الجديد واسم الهى....الرب يعطى مجداً ونعمة ولا يمنع خيراً عن السالكين بالكمال ...وهذا هو اسمك الجديد من الآن فصاعداً تدعين " نعمة "...لنرى الآن هل أزهر الحب فى قلبك؟!
الوعد بأن تحبى عندما تزهر".
تكلمت نعمة لأول مرة منذ جاءت الى هذا المكان :" لا يوجد فى قلبى نبتة الحب مطلقاً لقد اقتلعها الكاهن من قلبى أثناء تقديم الذبيحة".
الملك :"لا يوجد زهرة الحب ؟! كيف ؟ وأنت على المرتفعات ولا أحد يدخل هنا بدو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
marcel solla
العضو الملائكى
العضو  الملائكى
marcel solla


عدد المساهمات : 1895
نقاط : 4983
تاريخ التسجيل : 04/08/2010

"رحلة الى المرتفعات" Empty
مُساهمةموضوع: رد: "رحلة الى المرتفعات"   "رحلة الى المرتفعات" Icon_minitimeالجمعة أغسطس 26, 2011 10:39 pm




اخيراً
على المرتفعات
عندما استيقظت خوافة كانت الشمس تتوسط كبد السماء.نظرت خارج الكهف الذى وجدت نفسها ملقاة فية وحاولت أن تسترجع ما حدث لها....
كان المكان مملوء برائحة المر والطيب وأدركت أن الثياب المصنوعة من الكتان الأبيض النقى التى تلبسها هى المصدر.....وهنا تذكرت ما حدث فنظرت الى قلبها وأزاحت الضمادة ...ولدهشتها لم تكن هناك أى أثار للجراح أو الالام فى قلبها أو فى أى مكان آخر فى كيانها.
قامت بهدوء وخرجت خارج الكهف الذى كان منحوتاً فى صخرة كانت فى الهوة التى قدمت فيها ذبيحتها .كان المكان مضاء بنور باهر فبدا مختلفاً عما كان وسط الضباب الكثيف ورأت الزهور الجميلة تحيط بالمذبح والخضرة انها وجدت منبع النهر يبدأ من تحت المذبح ...قفز قلبها من الفرحة وملأ السلام العميق كيانها كلة.لم يكن هناك أى أثر لرفيقتيها أشجان وآلام .كانت وحدها مع الطيور المغردة والفراشات الملونة وهى تنتقل فرحة من غصن الى غصن ومن زهرة الى أخرى.
أخذت خوافة بعض الوقت لتتمكن من استيعاب الجو المحيط بها....ثم قامت وتقدمت نحو النهر و كأنة يجذبها الية.
وانحنت لتأخذ فى كفها بعض الماء وعندما لمستة بدا وكأن كيانها قد سرت فية تيارات من البهجة والسعادة مختلطة بشجاعة غامرة فدلفت الى النهر وأحست بفرح وغبطة لم تعهدها من قبل وكأن المياة قد بعثت فى نفسها نبضات الحياة.
وعندما صعدت من الماء شعرت أنة لم يعد فيها أى نقص من أى نوع وبسرعة حولت نظرها الى قدميها لتكتشف أنهما بلا عيب وأيقنت أن هذا هو النهر الذى لشفاء الأمم الذى تكلم عنة رئيس الرعاة فى بداية رحلتها.
جرت نحو النهر لترى وجهها فى المياة...لم تكد تعرف نفسها ...لقد اختفى الاعوجاج من فمها وأصبحت رائعة الجمال.
ولبثت قليلاً على هذة الحالة من السعادة ثم شعرت وكأن أحداً يناديها ...حقيقة لم تسمع اسمها وحقيقة أيضاً أنها لم تسمع صوتاً ولكنها شعرت بة فى قلبها وحاولت الخروج من الهوة ولكن كيف لها هذا والجبال تحيط بها من كل جانب.....
تكرر ما حدث يوماً عند جبل التجريح اذ جاء غزال وأيل وتقدماها فى الصعود وكأنهما يرينها الطريق وأين تضع قدميها ....ففعلت مثلهما وقفزت صاعدة ورائهما كأنها مثلهما وما هى الا لحظات حتى وجدت نفسها تعتلى قمة الجبل ..وهناك رأتة!! ..تماماً كما توقعت أن تراة...مملوء مجداً وكرامة وقوة.نادى عليها :"أنت يا ذات أرجل الأيل -تعالى هنا"
وجرت نحوة وسجدت أمامة...كان تاج ملوكى على رأسة ومتسربلاً بثوب الى الرجلين ومتمنطقاً عند ثديية بمنطقة من ذهب.
"أخيراً جئت وانقضى ليل البكاء وحل صباح السرور"قال لها هذا وأقامها من سجودها وأكمل "لقد حان وقت تتميم الوعد ...وأكتب عليها اسمى الجديد واسم الهى....الرب يعطى مجداً ونعمة ولا يمنع خيراً عن السالكين بالكمال ...وهذا هو اسمك الجديد من الآن فصاعداً تدعين " نعمة "...لنرى الآن هل أزهر الحب فى قلبك؟!
الوعد بأن تحبى عندما تزهر".
تكلمت نعمة لأول مرة منذ جاءت الى هذا المكان :" لا يوجد فى قلبى نبتة الحب مطلقاً لقد اقتلعها الكاهن من قلبى أثناء تقديم الذبيحة".
الملك :"لا يوجد زهرة الحب ؟! كيف ؟ وأنت على المرتفعات ولا أحد يدخل هنا بدونها ...هيا أفتحى قلبك لنتحقق مما تقولين".
وعندما فعلت ذلك انبعث منة رائحة ذكية و امتلأ المكان برائحة الطيب وهناك داخل قلبها وجدا نبات يلفة ويغطية زهر أبيض صغير وجميل.
- نعمة:" كيف جاءت هذة الزهور الى قلبى يا ملكى؟!"
- الملك بابتسامة:" لقد زرعتها بنفسى!! الا تتذكرى يوم وعدتينى بأن تصعدى معى للمرتفعات؟ يومها زرعت فى قلبك شوكة...انها بذرة هذا النبات".
-نعمة :"اذن ما هو النبات الذى اقتلعة الكاهن عند المذبح؟!"
- الملك :"يوم زرعت لك زهرة الحب فى قلبك لم تجدى محبتى فية اطلاقاً....فقط وجدت حباً بشرياً أليس كذلك؟....وقد اقتلعتة عندما حان الوقت وأصبح غير ثابت فى قلبك كى نعطى مكاناً للمحبة الالهية".
-رددت نعمة ببطء:" أنت اقتلعتة من قلبى يا ملكى ...هل كنت أنت الكاهن عند المذبح؟....وأنا ظننت أنك تخليت عنى".
هز رأسة بالأيجاب وسجدت نعمة والدموع تسيل من عينيها وقبلت يدة....تلك اليد المجروحة من أثر الشوك والتى اقتلعت من قلبها كل أثار المحبة الغريبة عنة التى كانت سبباً فى شقائها .
مد يدة التى كانت تقبلها ومسح دمعة من عينيها وقال:
-"حان الوقت وأن الأوان لأكمال الوعد" ثم وضع يدة على رأسها وقال :" بمحبة أبدية أحببتك من أجل ذلك أدمت لك الرحمة.
والآن اعطنى الكيس الذى بة الحجارة التذكارية التى جمعتيها أثناء رحلتك يا نعمة".
أخرجت الكيس وأعطتة اياة فأمرها أن تفتح يدها لتتلقى محتوياتة ويا للدهشة فبدلاًمن الحجارة العادية نزلت جواهر متلألئة تخطف الأبصار من جمالها !! وقفت نعمة صامتة مذهولة ورأت الملك ممسكاً بتاج وقال:"هأنذا أبنى.بالأثمد حجارتك وبالياقوت الأزرق أؤسسك "ثم أمسك بأكبر جوهرة وهى من اليشب ووضعها فى منتصف التاج وأمسك بالثانية وهى من الياقوت الأزرق ووضعها بجانب الأولى ثم الثالثة وهى من العقيق الأخضر ..وهكذا ثبت الأثنتى عشرة جوهرة على التاج ووضعة على رأس نعمة.
رجعت بذاكرتها للأيام الماضية وتفكرت فى محبتة وحنانة وصبرة ورحمتة ونعمتة التى قادتها ودربتها وحرستها ومنعتها من الرجوع عن طريقها وأخيراً حولت كل تجاربها وألامها الى أكليل مجد أبدى.


وبابتسامة فرحة قال الملك:
-"اسمعى يا بنتى وانظرى وأميلى أذنك وانسى شعبك وبيت أبيك فيشتهى الملك حسنك لأنة هو سيدك فاسجدى لة.كل مجد ابنة الملك من داخل منسوجة بذهب ملابسها .بملابس مطرزة تحضر الى الملك.فى اثرها عذارى صاحبتها مقدمات اليك يحضرن بفرح وابتهاج يدخلن الى قصر الملك".
عند هذا تذكرت نعمة رفيقتيها أشجان وآلام وكيف كانتا مخلصين لها طوال الرحلة....فلولا مساعدتهما وصبرهما لما تمكنت من الصعود الى المرتفعات !! تمنت لو كانتا معها الآن فتفرحا لفرحتها كما تألمتا وتعبتا معها ودافعتا عنها فى مواجهة أعدائها .. فتحت فمها لتطلب طلبة من ملكها ...كانت تريد رفيقتيها المخلصتين ولكن قبل أن تنبس ببنت شفة قال لها الملك :"هاتان هما رفيقتاك يا نعمة" حينئذ تقدمتا سيدتان تلبسان ثياباً بيضاء ناصعة تشع ضوءاً براقاً وعلى وجهيهما بشاشة وفى عينيهما حب بادى.
تقدمت اليهما نعمة لكنهما لم تتكلما قط.
نعمة:"من أنتما؟ وما اسميكما؟"
ولكن بدلاً من أن تردا عليها نظرتا بعضهما الى بعض وابتسمتا ثم مدتا أيديهما لنعمة لتأخذا يديها .وعند هذة الحركة المألوفة لديها صرخت نعمة :"أشجان.....آلام أهلاً بكما ....لقد اشتقت اليكما كثيراً".
- "لا لا ...لم نعد أشجان وآلام كما لم تعودى أنت خوافة...آلا تعرفين أن كل شىء يتغير فى المرتفعات...لذلك حينما أصعدتنا الى هنا أصبحنا فرحة وسلام ".
-نعمة :"أصعدتكما الى هنا !! منذ البداية الى النهاية وعبء الرحلة كلة واقع عليكما....لقد دفعتمانى دفعاً حتى وصلت".
- فرحة وسلام :"لا لم يكن ممكناً أن نصعد وحدنا الى هنا ....أشجان وآلام لا يمكنهما الدخول لمملكة الحب..ولكن فى كل مرة قبلتينا برضى ووضعت يديك فى أيدينا كنا نتحول رويداً رويداً ...لو كنت رفضتينا لما تمكنا من الوصول الى هنا".
نظرتا لبعضهما وضحكتا وأكملتا:
"عندما رأيناك أول مرة عند سفح الجبال شعرنا أننا لن نتمكن من الوصول...
فلقد كنت خائفة منا جداً وقلنا فى أنفسنا أن واحدة منا لن تصل الى المرتفعات وسنظل أشجان وآلام وخوافة ولكن انظرى لى نعمة ملك المحبة وكيف ساعدنا ودبر لنا حتى وصلنا الى هنا والآن سنكون صديقتاك للأبد".
وعندما قالتا هذا انضم ثلاثتهم وأخذن يقبلن بعضهن بعضاً ويرتمين فى أحضان بعضهن شاكرات عناية ملكهن بهن.
مضت الأيام ونعمة تعيش فى سعادة كاملة لا يعكر صفوها شىء تتبع الملك حيثما ذهب وتتعلم أشياء وحقائق جديدة لم تعرفها - وذات يوم جلس الملك معها و سألها.
- "يا نعمة ...هل تدرين كيف جعلت رجليك كالأيل وأقمتك على المرتفعات ؟".
أثار هذا السؤال انتباهها ودنت منة قائلة:
- كيف يا ملكى وسيدى؟
-أجابها :" فكرى فى رحلتك وأخبرينى عن الدروس التى تعلمتينها أثناء صعودك".
صمتت نعمة ومرت بذاكرتها كل الأحداث منذ قررت أن تتبعة والصعاب التى قابلتها والتى بدا اجتيازها من المستحيل ...فكرت فى المخاوف التى أحاطت بها وفى الحرب التى شنها عليها أعداؤها ... وأيضاً فى السلام الذى أحاط بها فى أحلك الظروف وهكذا جلست لوقت طويل تسترجع وتتأمل شاكرة وأخيراً قالت:
-"سأخبرك يا ملكى".
-أجاب بحنان"أنا مصغى اليك يا نعمة ".
- نعمة:" لقد تعلمت كثيراً ...تعلمت أن أقبل بفرح وشكر كل ما تسمح بحدوثة لى أثناء رحلتى أنة لا يجب أن أتجنبها بل أن أضع ذاتى وأقدم ارادتى ذبيحة وأقول (هوذا أنا عبدتك مطيعة).
- هز رأسة موافقاً :"وتعلمت أيضاً أن أتحمل كل ما يفعلة بى الآخرون وأغفر لهم وأقول " هوذا أنا عبدتك سماح" حتى يخرج من الجافى حلاوة".
-هز رأسة ثانية فابتسمت بفرح وقالت:
-"الدرس الثالث الذى تعلمتة هو أنك يا سيدى لم تكن تنظر الى كما كنت أبداً عرجاء وضعيفة وخوافة ...بل نظرت الى كما سوف أكون مستقبلاً بعد أن تغيرنى".
نظر اليها الملك بعطف ولكنة لم يتكلم ليشجعها أن تكمل حديثها.
-"أما الدرس الرابع فهو فى الحقيقة يعتبر أول درس تعلمتة فى المرتفعات...هو أن كل ظروف الحياة مهما بدت قاسية وصعبة لو قوبلت بحب وتسامح وطاعة لأرادتك سوف تحولها لخيرنا...لذلك أعتقد يا سيدى أنك تسمح لنا بأن نتقابل مع الشر والقساوة وتسمح بأن يتواجد فى العالم العذاب والالم والأحزان لأن هذة ان سلكنا تجاهها كأرادتك وتعاليمك فسوف تخلق فينا فضائل للأبدية .وهذة هى الطريقة المثلى للتعامل مع الشر...ليس فقط تجنبة أو تقييدة ولكن تحويلة للخير ان أمكن ".
رد الملك بسرور واضح وسعادة بالغة :" لقد تعلمت حسناً يا نعمة .. ان كل هذة الدروس التى تعلمتينها هى التى أهلتك للتغيير من خوافة العرجاء الى نعمة ذات أرجل الايل .والآن تستطيعين أن تتبعينى أينما ذهبت فلا نفترق أبداً ".
ثم قام من جلستة وقال :" هيا بنا يا نعمة نتجول فى المرتفعات وننشد سوياً نشيداً جديداً:
"اجعلنى كخاتم على قلبك كخاتم على ساعدك لأن المحبة قوية كالموت.مياة كثيرة لا تستطيع أن تطفىء المحبة والسيول لا تغمرها.
أسرع يا حبيبى وكن كالظبى أو كغفر الأيل على جبال الأطياب".
وكما تعلمون فان هذة هى أخر أبيات نشيد الأناشيد التى لسليمان الحكيم ولكنها بالنسبة لنعمة فقد كانت بداية لأناشيد جديدة لا يعرفها الا الذين اشتروا من بين الناس باكورة للة
والخروف.


أذكرونى فى صلواتكم





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
maro marmar
العضو الملائكى
العضو  الملائكى
maro marmar


عدد المساهمات : 2854
نقاط : 7714
تاريخ التسجيل : 10/10/2010

"رحلة الى المرتفعات" Empty
مُساهمةموضوع: رد: "رحلة الى المرتفعات"   "رحلة الى المرتفعات" Icon_minitimeالجمعة أغسطس 26, 2011 11:28 pm

راااااااااااااااائع جدااااااااااااا الكتاب دة انا بحبه جداااااااااا
ربنا يعوض تعبك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
"رحلة الى المرتفعات"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» رحلة عمر....
» كتاب رحلة العبور بالدم لابونا بيشوى كامل
» يسافر البابا لأمريكا فى رحلة "رعوية "
» البابا يسافر أمريكا فى رحلة علاجية على مصر للطيران
» كتاب رحلة الآلام للراهب كاراس المحرقى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منتدى الكتب الكاملة-
انتقل الى: