عقيدة الصوم فى الكتاب المقدس

الصوم يسبق كل نعمة وخدمة .

فالسيد المسيح صام 40 يوما قبل أن يبدأ خدمته ، ويوحنا المعمدان الذى عاش حياة الصوم والصلاة والخلوة قبل أن يبدأ خدمته وموسى قبل أن يستلم لوحى العهد والأباء الرسل قبل أن يضعوا أياديهم على برنابا وشاول ( فصاموا حينئذ وصلوا ووضعوا عليهما الأيادى ) .
* ولذلك فالكنيسة الارثوذكسية كنيسة تستقبل أى مناسبة أو نعمة بالصوم مثل الأعياد والأسرار الكنسية وبدء خدمة الكهنوت و الأسقفية .
* من أجل ذلك لابد من اثبات الصوم كتابياً من واقع الكتاب المقدس العهد القديم والعهد الجديد
والصوم نوعان يكملان بعضهما البعض الصوم الانقطاعى والصوم النباتى .

أولاً : الصوم الانقطاعى :
وهو الانقطاع عن الطعام فترة من الوقت يعقبها طعام خال من الدسم الحيوانى ، أنه بالامتناع عن الأكل يرتفع الإنسان فوق مستوى الجسد ويرتفع ايضاً فوق مستوى المادة وهذه هى حكمة الصوم ولهذا نجد الصوم فى معظم جميع الديانات حتى فى الوثنية والبوذية والكنفوشيوسية .
* الصوم الانقطاعى فى العهد القديم :
+ لعل أشهر الأصوام الانقطاعية فى الكتاب المقدس صوم : -
1 – صوم موسى النبى 40 يوماً
2 – ايليا النبى".. فقام وأكل وشرب وسار بقوة تلك الأكلة أربعين نهاراً وأربعين ليلة .. " امل19: 8
3 – الملك داريوس صام حينما ألقى دانيال فى جب الأسود " حينئذ مضى الملك فى قصره وبات صائماً ولم يؤت قدامه بسراريه و طار عنه الصوم " دا 6 : 18
4 – " قدسوا صوماً نادوا بأعتكاف " يؤيل 1 : 14
5 – وداود النبى عندما كان ابنه مريضاً " فسأل داود الله من أجل الصبى وصام داود صوماً ودخل وبات مضطجعاً على الأرض " 2 صم 12 : 16
6 – " وناديت هناك بصوم على نهر أهو لكى نتذلل أمام إلهنا "
" وهذه آيات قليلة جداً من العهد القديم على سبيل المثال وليس الحصر
* وهناك شواهد أخرى من العهد الجديد :
1 –صوم السيد المسيح أربعين يوماً " فبعدما صام أربعين نهاراً وأربعين ليلة جاع أخيرا " مت 4 : 2
2 – وقد قيل عن حنة النبية أنها كانت " لا تفارق الهيكل عابدة بأصوام وطلبات " لو 2 : 37
3 – والقديس بولس يقول " فى تعب وكد فى أسهار مرارا كثيرة فى جوع وعطش فى أصوام مراراً كثيرة " 2 كو 11 : 27
4 – والقديس بطرس " جاع كثيراً واشتهى أن يأكل " أع 10 : 1
* ونلاحظ فى هذه الآية أهمية وجود عنصر الجوع فى الصوم
* " هذا الجنس لا يخرج بشئ إلا بالصلاة والصوم " مت 17 : 21
وقال أيضاً السيد المسيح فى العهد الجديد عن صوم تلاميذه
" حينما يرفع العريس حينئذ يصومون " متى 9 : 15
.. وكثير من الشواهد فى العهدين التى تثبت الصوم الانقطاعى منها :
استير 4 : 16 ، اش 58 : 4 ، لوقا 18 : 12 ، عزرا 8 : 21 ، نحميا 9 : 1 ، استير 4 : 3 ، مز35 : 13 ، مز 69 : 10 ، مز 109 : 24 ، يونان 3 : 5 ، زكريا 8 : 19 والخ ……
ثانياً : الصــــــــوم النباتـــــــــى :
وهو الامتناع عن أى طعام يكون دسم ( أى أن يكون الطعام خال من الدسم ) والكتاب المقدس ملئ بالشواهد الكتابية التى تثبت ذلك :
1 – الصوم النباتى مع بداية الإنسان حينما قال الله لادم " أنى قد أعطيتكم كل بقل يبذر بذراً على وجه كل الأرض وكل شجرة فيه ثمر وشجر يبذر بذراً لكى يكون لكم طعاماً " تك 1 " 29
وأيضاً بعد السقوط قال الله لأدم :
" ملعونة الأرض بسببك بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك وشوكاً وحسكاً تنبت لك وتأكل عشب الأرض " تك 3 : 18
* حتى الحيوانات كانت تأكل طعاماً نباتياً هو العشب تك 1 : 30
تعليق : لماذا لم يعطى الله لحماً لأدم ليأكله أن كان قبل السقوط أو بعد السقوط ؟ فهذه هى مشيئة الله وحكمته إليه أن يكون الإنسان نباتياً .
2 – لم يسمح الله بأكل اللحم إلا بعد فلك نوح " كل دابة حية تكون لكم طعاماً كالعشب الأخضر دفعت اليكم الجميع " تك 9 : 3 ، وكان العالم قد هبط بمستواه جداً للدرجة التى ألجأت الرب للطوفان .
3 – لما قاد الرب شعبه فى برية سيناء وقدم لهم طعاماً نباتياً وهو المن " وأما المن فكان كبذر الكزبرة ومنظره كمنظر المُقل كان الشعب يطوفون ليلتقطوه ثم يطحنونه بالرحى ويدقونه فى الهاون ويطبخونه وكان طعمه كطعم قطائف بزيت" عدد 11 : 7 ، 8
* ولم يسمح بأكل اللحم " السلوى " إلا بعد تذمرهم وبكائهم فمات منهم كثيرون " وإذا كان اللحم بعد بين اسنانهم قبل أن ينقطع حمى غضب الرب على الشعب وضرب الرب الشعب ضربة عظيمة " عدد11: 33 . وسمى ذلك المكان (قبروت هتأوه) أى قبور الشهوه لأنهم هناك اشتهوا اللحم .
4 – وبما أن اللحم ليس نجس أو به خطية فالله كان يسمح به فى وقت معين ووقت أخر لا يسمح به وهذا فى فترة الصوم مثل ما حدث مع إيليا أولاً : فى ملوك الأول 17 : 6 أعطاه الله أن يأكل لحماً " وكانت الغربان تأتى اليه بخبز ولحم صباحاً وبخبز ولحماً مساءاً .. "
- ولكن بعد ذلك فى وقت أخر يقول الكتاب فى ملوك الأول 19 :5 "وإذ بملاك قد مسه وقال قم وكل فتطلع وإذ كعكه رضف وكوز ماء عند رأسه .. فقام وأكل وشرب وسار بقوة تلك الأكلة أربعين يوما"ً
5 – وقد أمر الرب حزقيال أن يأكل أكلاً نباتياً لمدة طويلة " خذ لنفسك قمحاً وشعيراً وفولاً وعدساً ودخنا وكرسنه وضعها فى وعاء واحد وأصنعها لنفسك خبزاً لمدة ثلاثة مائة يوم وتسعين يوماً تأكله(حزقيال4: 9)
6 – ونلاحظ أن الطعام النباتى هو الطعام الذى أكله دانيال النبى والثلاثة فتية وبارك الله طعامهم ، وصارت صحتهم أفضل من كل غلمان الملك " جرب عبيدك عشرة أيام ليعطونا القطانى لنـأكل وماء لنشرب " ( دانيال 1 : 12 )
تعليق : ولعل الحكمة فى استخدام الطعام النباتى هى امران . استخدام الأطعمة الخفيفة البعيدة عن الشهوة التى لا تثير الجسد ، كما أن الطعام النباتى كان النظام الأصلى الذى وضعه الله للانسان

اعتراضـــات عــن الصــــوم فى الكنيســـة
اعتراض الصوم فى الخفاء
الصوم فى الخفاء خاص بالعبادة الفردية وليس بالعبادة الجماعية لأنه يوجد هذان النوعان من العبادة
أ – ففى الصلاة مثلاً : توجد الصلاة الفردية ، التى تصليها فى مخدعك ولأبيك الذى يرى فى الخفاء ، وهذا لا يمنع من وجود الصلاة الجماعية التى تصليها معاً كل جماعة المؤمنين بروح واحدة ونفس واحدة وصوت واحد .
ب – يوجد عطاء فى الخفاء كعمل فردى ، ولا تجعل فيه شمالك تعرف ما تفعله يمينك ( مت6 :3) ولكن هذا لا يمنع العطاء العام الذى يجمع من الكل ، كما جمع داود النبى من أجل بناء الهيكل وذكر ما قدمه هو بالتفصيل ، وما قدمه رؤساء الأسباط ورؤساء الألوف والمئات ورؤساء أشغال الملك) (1اى 29: 3 – 9 )
ج – كذلك فى الصوم : يوجد الصوم الفردى فى الخفاء وهذا لا يمنع الصوم العام لكى يشترك كل المؤمنين معاً فى صومهم فهل الصوم الجماعى تعليم كتابى أم لا ؟
اعـــتراض الصـــــوم الجماعـــــــى
هناك أمثلة كثيرة فى الكتاب عن الصوم الجماعى ومنها :
1 – صوم الشعب أيام استير ( اس 4 )
2 – صوم أهل نينوى ( يون 3 )
3 – صوم الشعب أيام عزرا ونحميا ( نح 9 : 1 )
4 – الصوم أيام يوئيل ( يوئيل 2 : 12 – 17 )
5 – فى العهد الجديد ( صوم الرسل ) ( أع 13 : 2،3 ) ، ( أع 27 : 21 )
الصوم الجماعى مقبول إذن وهو تعليم كتابى ويدل على وحدانية العبادة وفى التقرب إلى الله وبخاصة إذا كان غرض الصوم أمراً يهم الجماعة كلها أو إذا كانت تشترك فى الصوم كما فى الصلاة
بروح واحدة .
وليس فى الصوم الجماعى رياء :
لأنه ليس أحد مميزاً على غيره فيه . أما درجة الصوم وأعماقه بالنسبة إلى كل فرد فهذه تكون
فى الخفاء .
اعتراض على مواعيد الصوم
إن الصوم فى مواعيد محددة هو أيضاً تعليم كتابى كما حدد الرب فى سفر زكريا النبى – صوم الشهر الرابع وصوم الشهر الخامس وصوم السابع وصوم العاشر ( زك 8 : 19 )
ولعل الحكمة فى تحديد مواعيد الصوم هو تنظيم العبادة الجماعية .
وفى المسيحية أخذت مناسبات الصوم طابعاً مسيحياً لكل منه حكمته وتأثيره هدفه الروحى .
اعتراض لا يحكم عليكم أحداً
لم يقل الرسول بولس ( لا يحكم أحد عليكم فى صوم ) إنما قال ( لا يحكم أحد عليكم فى أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت التى هى ظل الأمور العتيدة ) " كو 2 : 16-17" .. وكان المقصود بذلك المحرمات فى الأطعمة بالنسبة إلى اليهود كأصناف الطعام التى كانوا ينجسونها

اعتراض مانعين عن أطعمة
الكتاب فى النص لا يتحدث عن نظام فى الكنيسة إنما يقول " يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحاً مضلة وتعاليم شياطين مانعين عن الزواج وآمرين أن يمتنع عن أطعمة قد خلقها الله لتتناول بالشكر" (1تى 4 : 1 – 3 )
ولعل المقصود بهذا المانعين والمونتانيين الذين حرموا الزواج وحرموا اللحم وحرموا الخمر وقد حرمتهم الكنيسة وشجبت كل ناشرون البدع .
والكنيسة لا تحرم اللحوم وما ينتمى اليها إنما تمتنع عنها فى الصوم نسكاً وليس لأنها نجسة بدليل أن الصائمين يأكلون هذه الاطعمة حينما يفطرون ، فمثلاً يوحنا المعمدان امتنع عن بعض الاطعمة وكذلك النساك فى كل زمان ومكان

» ما هي قصة الصوم الكبير ومتى بدأ؟ ماذا يعلمنا الكتاب المقدس عن الصوم؟
» الصوم فى الكتاب المقدس
» الصوم فى الكتاب المقدس
» ما هو الكتاب المقدس؟
» كيف استفيد من الكتاب المقدس ؟